الثالث : كون الإرادة الاستعمالية بداعي الجد دون غيره من السخرية والامتحان والتقية ونحوها. والمتكفل لها أصالة الجد.
ودليل كل من الأصلين انما هو سيرة العقلاء ، فان بناءهم على حمل كلام المتكلم على ما هو ظاهر فيه عند الشك في إرادة تفهيمه. وهكذا إذا شك في ان ما أراد تفهيمه باللفظ كان بداعي الجد أو الهزل يحملونه على الجد.
ومن الظاهر ان موضوعه كل من الأصلين ، أي أصالة الظهور وأصالة الجد ، انما هو الشك ، فإذا ورد عام ، وعلمنا باقترانه بمخصص متصل وجدانا ، فلا محالة يكون خارجا عن موضوع أصالة الظهور بالتخصص ، إذ نعلم حينئذ بعدم ظهوره في العموم ، فموضوع أصالة العموم يكون مرتفعا ، وإذا علمنا بذلك بالتعبد يكون موضوع أصالة العموم منتفيا تعبدا.
وإذا علمنا بورود مخصص منفصل عليه ، وان العموم لم يكن مرادا جديا للمتكلم ، وانما أتى بالعامّ ولم يأت بمخصصه لداعي آخر من الدواعي ، كان خارجا عن موضوع أصالة الجد بالتخصيص ان كان العلم وجدانيا ، وبالحكومة ان كان تعبديا ، كما في قوله عليهالسلام «نهى النبي عن بيع الغرر» فانه يرفع موضوع أصالة العموم في (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) بالتعبد. فالدليل المخصص وان لم يكن رافعا للموضوع بالإضافة إلى نفس الدليل العام ، إلّا أنه رافع لموضوع دليل اعتباره ، اما بالحكومة ، واما بالتخصيص. وهذا معنى رجوع التخصيص إلى الحكومة ، كما انّ الحكومة أيضا ترجع إلى التخصيص ، فان قوله عليهالسلام «لا ربا بين الوالد والولد» حقيقة يرفع الحرمة وان كان بلسان نفي الموضوع ، فالحكومة ترجع إلى التخصيص ، كما ان التخصيص يرجع إلى الحكومة.
وبما ذكرناه ظهر ان التعارض لا يتحقق في الموارد المذكورة حتى في مورد