التخصيص ، سواء فسرناه بما في الكفاية (١) من انه تناف الدليلين في مقام الدلالة والإثبات ، أو بما ذكره الشيخ قدسسره من أنه تنافي مدلولي الدليلين (٢).
أما على تعريف الكفاية فظاهر ، إذ لا منافاة بين الدليلين في تلك الموارد من حيث الإثبات والدلالة. وأما على ما أفاده الشيخ ، فلأن دليلية الدليل لا تكون إلّا بعد تمامية المقدمات الثلاثة المتقدمة ، وقد عرفت ان ورود المخصص يرفع موضوع أصالة الظهور أو أصالة الجد ، فلا تتم الدلالة للعام في العموم ليكون معارضا مع الخاصّ. وعدم المنافاة بين مدلولي الدليلين في الحكومة والورود ظاهر.
وبالجملة لا تنافي بين العام والمخصص ، إذ به يستكشف ان العموم لم يكن مرادا بالإرادة الاستعمالية في المخصص المتصل ، أو بالإرادة الجدية في المخصص المنفصل ، فإذا أحرز المخصص وجدانا كان واردا على دليل حجية العام ، إذ به ينتفي موضوع أصالة العموم ، حيث يعلم به ان المتكلم لم يرد استعمال العام في معناه الظاهر فيه عرفا بمقتضى الوضع أو غيره ، أو أراد العموم بالإرادة الاستعمالية ولكنه لم يرده بداعي الجد. وإذا أحرز المخصص تعبدا كان حاكما على دليل اعتبار العام وحجيته بأحد النحوين المتقدمين ، فلا يكون بناء من العقلاء على التمسك بأصالة العموم أو أصالة الجد في ذلك ، فلا يكون العام حينئذ حجة في العموم ، لعدم تمامية مقدمات دليليته ، فمعارضته مع الخاصّ من قبيل معارضة الحجة واللاحجة ، ولو كان عدم حجية العام من جهة الخاصّ.
وما ذكرناه جار في معارضة كل ظاهر وأظهر ، وان احتمل ان الأظهر لم يرد به معناه الظاهر فيه. وهكذا كل قرينة عرفية مع ذيها ، فلا تنافي في شيء من ذلك.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٧٦.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٥٠ (ط. جامعة المدرسين).