وفيه : ما أوردناه عليه من النقض والحل.
أما النقض : فبالموارد التي سقطت فيها الدلالة المطابقية ولم يلتزم أحد هناك بالدلالة الالتزامية. نظير ما إذا أخبرت البينة بوقوع دم أو بول في إناء ، فان مدلولها الالتزامي نجاسة الإناء ، فإذا علمنا بعدم ثبوت مدلولها المطابقي ، لا إشكال في انه لا يترتب عليها آثار المدلول الالتزامي ، وهو نجاسة الإناء. وكذا إذا كان هناك مال تحت يد زيد ، وأخبرت البينة بأنه لعمر ، فانها تتقدم على اليد ، واعترف عمر بأنه ليس له ، فتسقط البينة بمدلولها المطابقي ، لأن الإقرار مقدم عليها ، كما انها مقدمة على اليد ، وحينئذ لا يؤخذ بمدلولها الالتزامي ، وهو عدم كون المال لذي اليد ، بل يرجع المال إليه ، ولا يعامل معه معاملة مجهول المالك. وكذا إذا فرضنا ان مالا تحت يد أحد وادعاه شخصان ، وأقام أحدهما البينة ولم يحلف ، فانه لا يثبت حينئذ مدلولها المطابقي لاعتبار الضميمة فيها ، وهو الحلف ولم يحصل ، إلّا انه لا يؤخذ بمدلولها الالتزامي أيضا ، ولا يؤخذ المال من ذي اليد. وكذا إذا أخبر عدل واحد بملاقاة الإناء مع الدم والعدل الآخر بملاقاته مع البول ، لا يحكم بنجاسته للبينة ، حيث ان عدلين أخبرا بنجاسة الإناء ، إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة.
وأما الحل : فهو ان المدلول الالتزامي ليس هو الكلي الساري على سعته ، وانما هو حصة خاصة توأمة مع المدلول المطابقي ، فإذا أخبر أحد بأن زيدا شرب السم فهو انما أخبر بموته المسبب عن شرب السم ، لا بموته على نحو الإطلاق ، فإذا علمنا بكذب شرب السم لا محالة نعلم بكذب تلك الحصة من الموت. وهكذا من يخبر عن ملاقاة الإناء مع الدم انما يخبر بالالتزام عن نجاسته بالدم لا مطلقا. وكذا البينة التي أخبرت بأن المال لزيد فهي تخبر عن نفي ملكية ذي الملازم لملكية زيد لا مطلقا ، فإذا علم بكذب ذلك لا محالة يعلم بعدم انتفاء تلك الملكية عن ذي اليد ، وهكذا.