أرجح منهما يتقدم عليهما ، ثم تقع المعارضة بين الخاصّين ، إذ المفروض ان المعلوم عدم صدوره لم يكن إلّا واحدا منها ، وهو مردد بينهما ، فيقدم الراجح منهما لا محالة ويفرض الآخر كأن لم يكن ، فيكون مخصصا للعام. وبعبارة أخرى : تكون المعارضة في الحقيقة بين الخاصّ المرجوح وأحد الأمرين من العام والخاصّ الآخر ، وبما انهما راجحان عليه يتقدمان لا محالة.
وفي القسم الأول ، أعني ما إذا كان الخاصان متساويين ، قدم العام عليهما ، ويحكم في الخاصّين بالتخيير ، لعدم المرجح. وبعبارة أخرى : كل من الخاصّين يعارض أحد الأمرين من العام والخاصّ الآخر ، وبما انّ العام أرجح يتقدم عليه ، وبما انه مساو مع الخاصّ الآخر يثبت بينهما التخيير.
وأما إن كان العام أرجح من أحد الخاصّين ومرجوحا بالقياس إلى الآخر ، فظاهر الكفاية هو التخيير بين الأخذ بالعامّ أو الأخذ بالخاصين ، لأن المعارض للعام مجموع الخاصّين ، فالضعيف منهما يكتسب القوة من القوي ، وبعد الكسر والانكسار يكونان متساويين مع العام (١).
ونقول : بعد ما بيناه من ان المعارضة انما هي بين العام وأحد الخاصّين ، لا مجموعهما ، ولا كل منهما ، ظهر لك فساد ذلك ، بل لا بد من ترجيح الخاصّ الراجح ، ثم تقديم العام على الخاصّ المرجوح على ما عرفت.
وبما ذكرناه ظهر الحال فيما إذا كان العام مساويا مع كلا الخاصّين ، فانه يثبت التخيير في جميعها لا محالة.
وما بيناه من التفصيل جار في جميع موارد ثبوت المعارضة بالعرض بين أكثر من دليلين ، كما هو واضح غير محتاج إلى التطويل.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٤٠٩.