ونظير هذا ما إذا صدر من المولى عام ، ثم كتب إلى العبيد مكتوبين ، وكان كل منهما مشتملا على حكم خاص ، وفرضنا أن المكتوب المشتمل على أحد الخاصّين وصل إلى العبيد قبل وصول الآخر ، فهل يوجب ذلك توقف العبيد عن تخصيص العام بالخاص المتأخر في الوصول ، لانقلاب النسبة بينه وبين العام؟! كلّا ، بل يخصصون العام بكلا الخاصّين ، وليس ذلك إلّا من انّ جهة الميزان انما هو بالصدور دون الوصول.
الصورة الثالثة : ما إذا كان بين الخاصّين عموم مطلق ، فهل العام يخصص أولا بأخصهما ، فتنقلب النسبة بينه وبين الخاصّ الآخر ، أو يخصص بهما معا؟ مثاله ما إذا ورد في دليل ليس على المستعير ضمان (١) ، وفي آخر في عارية الذهب والفضة (٢) ضمان ، وفي ثالث في الدرهم والدينار (٣) ضمان. فإذا خصصنا العام بأخص الخاصّين وهو قوله عليهالسلام «في الدرهم والدينار ضمان» كان المراد به عدم الضمان في عارية غير الدرهم والدينار ، فمورد اجتماعه مع الخاصّ الآخر هو عارية الحلي ، فان مقتضى العام المخصص عدم الضمان فيها ، ومقتضى الخاصّ الآخر ثبوته لأنها من الذهب ، ومورد الافتراق من ناحية الخاصّ هو الدرهم والدينار ، ومن ناحية العام عارية غير الذهب.
وبما بيناه في الصورة السابقة ظهر انه لا مجال للالتزام بانقلاب النسبة في هذه الصورة ، لأن نسبة كلا الخاصّين إلى العام نسبة واحدة ، وكلاهما يخبر عن ما هو المراد الجدي من العام من حين صدوره ، فلا وجه للتقديم ، فلا بد من تخصيص العام بكليهما.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٣ ـ باب ١ من أبواب العارية.
(٢ ، ٣) وسائل الشيعة : ١٣ ـ باب ٣ من أبواب العارية.