وحينئذ تبقى شبهة لغوية صدور أخص الخاصّين. وقد أجبنا عنها في بحث مفهوم الوصف واللقب ، وقلنا : انه يمكن أن يكون ذكره لنكتة من كونه مورد السؤال ، أو كونه متعارفا ، أو نحو ذلك. وقد ورد في الروايات كثير من هذا القبيل ، مثلا ورد في بعض الاخبار المنع عن الصلاة في وبر السباع (١) ، وفي موثقة ابن بكير منع عن الصلاة في اجزاء كل ما لا يؤكل لحمه (٢) ، والسر ما ذكرناه ، ولذا لا يحمل المطلق على المقيد فيها.
نعم إذا كان أخص الخاصّين متصلا بالعامّ ، كما إذا قال : ليس على المستعير ضمان في غير الدرهم والدينار ، ثم قال : في الذهب والفضة ضمان ، كانت النسبة بين العام المخصص والخاصّ هو العموم من وجه ، لأن المخصص المتصل بالعامّ يمنع انعقاد ظهوره في العموم.
ثم في المقام فرع ، لا بد من التنبيه عليه. وهو ما إذا فرضنا وجود عام فوق في هذا الفرض ، كما إذا ورد ليس في العارية ضمان ، وورد ليس في العارية ضمان غير الدرهم والدينار ، وورد أيضا في عارية الذهب والفضة ضمان ، فبين الخاصّين يكون عموم من وجه ، ومورد اجتماعهما عارية الحلي ، فهل يمكن القول بأن العام الفوق هو العام المخصص ، أي يخصص بالمخصص المتصل ، فيكون طرفا للمعارضة ، أو لا يمكن ذلك؟ ذهب الميرزا قدسسره إلى الأول (٣) لوجهين :
أحدهما : ان العام الفوق مخصص بأخص الخاصّين يقينا على كل تقدير ، فيعلم ان العموم غير مراد منه ، بل المراد به في المثال عارية غير الدرهم والدينار ، فنسبته مع الخاصّ المنفصل هو العموم من وجه ، فهو أيضا طرف للمعارضة.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٦ من أبواب لباس المصلي.
(٢) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٢ من أبواب لباس المصلي.
(٣) أجود التقريرات : ٢ ـ ٥١٩ ـ ٥٢٠.