ثانيهما : ان العام انما يخصص بالخاص فيما إذا كان حجة ، وفي المقام ليس شيء من الخاصّين حجة ، للمعارضة بينهما بالعموم من وجه ، فلا يمكن تخصيص العام بشيء منهما ، فتقع المعارضة بينها لا محالة.
ونقول : أما الوجه الأول ، فقد ظهر الجواب عنه مما ذكرناه ، فان نسبة كلا الخاصّين إلى العام الفوق واحدة ، وليس بينهما ثبوتا تقدم وتأخر ، فلا وجه لتخصيص العام بأحدهما دون الآخر.
وأما الوجه الثاني ، فالمقدمة وان كانت صحيحة ، فان الخاصّين متعارضان ، فلا يمكن تخصيص العام بشيء منهما ، إلّا انه ليس نتيجتها كون العام طرفا للمعارضة ، بل المعارضة تكون بين الخاصّين. فان قلنا : بتساقطهما في مورد الاجتماع ، وهو عارية الحلي ، كان اللازم بعد سقوطهما الرجوع إلى العام الفوق ، والنتيجة انتفاء الضمان في عارية الحلي. وان قلنا : بتقديم أحدهما تعيينا أو تخييرا كان اللازم تخصيص العام الفوق به. فعلى كلا التقديرين ليس العام طرفا للمعارضة أصلا. وهذا هو الفارق بين هذه الصورة وما إذا كان بين الخاصّين عموم مطلق وكانا منفصلين ، حيث قلنا بأن العام مخصص بكليهما ، فانه لا معارضة حينئذ بين الخاصّين.
هذا كله في الكبرى الكلية. إلّا انها غير منطبقة على المثال ، لأن الاخبار الواردة في العارية على طوائف. مضمون بعضها ليس على المستعير ضمان. وبعضها في عارية الذهب والفضة ضمان. وبعضها لا ضمان إلّا في عارية الدينار. وبعضها إلّا في عارية الدرهم. وبعضها إلّا إذا اشترط.
أمّا الأخير فمنطوقه لا ينافي ما دل على الضمان في الدرهم والدينار. وإطلاق مفهومه يقيد بمنطوقهما ، وان كان بينه وبينهما عموم من وجه. كما ان ما ورد في الدرهم وما ورد في الدينار كلاهما بمنزلة دليل واحد ، ولا منافاة بينهما ، لأن إطلاق مفهوم كل منهما يقيد بمنطوق الآخر.