والمرفوعة. أما المرفوعة فقد عرفت ضعف سندها ، وأما المقبولة فلأن الصفات ذكرت فيها مرجحا لحكم أحد الحاكمين ، ثم بعد ما فرض السائل تساويهما من حيث الصفات تعرض عليهالسلام لترجيح إحدى الروايتين.
كما ان من الظاهر ان الصفات من الأفقهية والأعدلية يناسب ترجيح أحد الحكمين ، فان الأفقه يكون متوجها إلى خصوصيات الحكم ، بخلاف غيره ، وكذا الأعدل ، ولا مناسبة بينهما وبين أقربية النقل والرواية إلى الواقع. بل الأصدقية أيضا كذلك إلّا فيما إذا كان الناقل راويا عن الإمام عليهالسلام بغير واسطة ، وإلّا فأصدقيته لا يوجب أقربية الخبر إلى الواقع. بل نفس إطلاق ما في المقبولة وغيرها من الأخذ بالمشهور وبما وافق الكتاب أو خالف العامة يقتضي عدم اعتبار الترجيح بصفات الراوي ، فان المشهور ، أو الموافق للكتاب ، أو المخالف للعامة ، قد لا يكون رواته أفقه ، ولا أعدل ، ولا أصدق ، بل ينعكس الأمر فإطلاق ذلك ينفي الترجيح بها.
ويؤكد ما ذكرناه ان الكليني مع انه قدسسره تعرض للمقبولة ، وبنى عليها ، حيث عبر في الديباجة ببعض عباراتها ، من لفظ المجمع عليه ونحوه ، لم يتعرض إلّا للترجيح بصفات الرواية من الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامة ، ولم يتعرض لصفات الراوي أصلا ، بل رأى ان الأوسع والأحوط حينئذ هو التخيير ، وليس ذلك إلّا لما قلناه من ان الصفات جعلت في المقبولة مرجحة لأحد الحكمين لا لأحد الخبرين.
ومن الغريب ما ذكره الشيخ قدسسره من ان عدم تعرض الكليني للترجيح بصفات الراوي انما هو لوضوحه ، فان الترجيح بها ليس بأوضح من الترجيح بصفات الرواية من الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامة ، فلما ذا نفرض لها دونها.