ثم على فرض الترتيب ، ذكر الوحيد البهبهاني ان المرجح الأول هو مخالفة العامة ، ثم تصل النوبة إلى سائر المرجحات. وذكر في وجهه انه إذا ورد خبران متعارضان ، وكان أحدهما موافقا للعامة دون الآخر ، فيطمئن بعدم صدور الخبر الموافق لهم ، امّا رأسا ، واما لبيان الحكم الواقعي ، فلا يكون الخبر الموافق لهم حجة ليرجح على المخالف ، ولو كان مشتملا على بقية المرجحات.
وذهب الميرزا إلى ان الترتيب بينها بحسب الترتيب الطبيعي ، فان الخبر أولا لا بد وان يثبت أصل صدوره عن الإمام عليهالسلام. ثم بعد ما ثبت صدوره عنه يبحث عن جهة صدوره ، وانه صدر لبيان الحكم الواقعي ، أو تقية. ثم بعد ما ثبت صدوره لبيان الواقع ، بما أن الخبرين متعارضان ولا يمكن أن يكون كلاهما مطابقا للواقع ، يكون الموافق منهما للكتاب هو المطابق للواقع ، وترتيب المرجحات لا بد وان يكون بهذا النحو.
ونقول : أما ما ذكره الوحيد ، فيرده :
أولا : انّه من أين يطمئن بعدم صدور الخبر الموافق للعامة ، مع انه ليس جميع أقوال العامة مخالفة للواقع ، فكما يحتمل ان يكون المخالف لهم صادرا ، يحتمل كون الموافق لهم صادرا دون المخالف.
وثانيا : إذا لم يكن الموافق للعامة من الخبرين صادرا فكيف أمر الإمام عليهالسلام بالأخذ بالمشهور وبما وافق الكتاب أولا ، إذ يحتمل ان يكون هو الموافق للعامة.
وأمّا ما ذكره الميرزا من الترتيب الطبيعي ، فهو وان كان كذلك ، إلّا انه استحسان ، وليس برهانا عقليا ليطرح بسببه الروايات. وظاهر المقبولة وصريح الصحيحة خلاف ذلك ، وانه أولا لا بد من الأخذ بما وافق الكتاب ، ثم الأخذ بما خالف العامة.