وأما ما ذكره الآخوند من عدم الترتيب ، ففيه : ان الترتيب يستفاد من إطلاق أمر الإمام عليهالسلام بالأخذ بما وافق الكتاب أولا ، فانه يقتضي تعينه ، ولو كان هو موافقا للعامة ومعارضه مخالفا لهم ، فيثبت الترتيب.
فتحصل : انّه لو لم نقل بالتخيير ابتداء ، كما لا نقول به ، فلا بد من الترجيح أولا بموافقة الكتاب ، ثم بمخالفة العامة ، كما صرح به في الصحيحة.
الجهة الثالثة : في التعدي عن المرجحات المنصوصة إلى غيرها. والكلام فيها يقع في مقامين :
تارة : من حيث مقتضى الأصل العملي.
وأخرى : فيما تقتضيه الأخبار.
أمّا المقام الأول : فالأصل العملي يقتضي التعدي ، أعني تعين ذي المزية في الحجية لما بيناه في ما سبق من ان الأصل في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية ، وفي باب التزاحم ، يقتضي التعيين ، وان اقتضى التخيير إذا شك في تخييرية الحكم الفرعي في غير الموردين. وذلك لأن المعين يكون حجة قطعا ، والآخر يشك في حجيته ، والأصل عدم حجيته.
وأمّا المقام الثاني : فقد استدل الشيخ للتعدي بوجهين :
الوجه الأول : عموم العلة في قوله عليهالسلام في المقبولة «فان المجمع عليه مما لا ريب فيه» (١) بدعوى (٢) : انه لا يمكن ان يراد بما لا ريب فيه ما لا ريب فيه حقيقة ، لأن لازمه كون الخبر المعارض له بيّن الغي والإمام عليهالسلام أدخله في الشبهات ، فإرادة نفي الريب حقيقة ينافي ما صنعه الإمام عليهالسلام من جعل معارضه من قبيل الشبهات ، فلا بد وان يراد به ما لا ريب فيه بالقياس إلى معارضه ، بمعنى اشتماله على جهة
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ١.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٨١ (ط. جامعة المدرسين).