يتعدد الواقع المنكشف بالحجة ، ولذا إذا أخبرت البينة مثلا بان الدار بتمامه لزيد ، وأقر زيد بأن نصفه ليس له ، لم يسقط البينة عن الحجية إلّا في النصف ، الّذي اعترف به المقر ، وكانت حجة في النصف الباقي. وكذا إذا قامت على ان كل ما في الصندوق لعمر ، وكان فيه عباء وقباء ، وعلمنا من الخارج ان القباء ليس له ، تسقط البينة عن الحجية فيه ، وتبقى على الحجية في العباء.
وعليه ففي الخبرين المتعارضين بالعموم من وجه فيما إذا كان عموم كل منهما بالوضع ، فكل من الخبرين بمنزلة إخبارات عديدة ، فالمخبر عن وجوب إكرام كل عالم كأنه صرح بوجوب إكرام العالم العادل ، ووجوب إكرام العالم الفاسق. وكذا المخبر عن حرمة إكرام الفاسق ، كأنه صرح بحرمة إكرام الفاسق الجاهل ، وحرمة إكرام الفاسق العادل ، غاية الأمر جمع بينهما في مقام اللفظ. ففي مورد الافتراق من الطرفين يكون كل منهما حجة ، لعدم المعارضة. وأما مورد الاجتماع ، أعني العالم الفاسق ، فتقع المعارضة بينهما بالتباين ، لأن كلا منهما ينفي ما يثبته الآخر ، فلا يعم دليل الحجية لشيء منهما. وسقوطهما عن الحجية غير مستلزم سقوط الاخبار في موردي الافتراق عن الحجية ، كما لو فرضنا كون الاخبار متعددا.
ثم إن كان أحدهما من المجمع عليه دون الآخر قدم ، وسقط معارضه عن الحجية في مورد المعارضة ، وإلّا فان كان أحدهما موافقا للكتاب دون الآخر فكذلك ، وإلّا فان كان أحدهما مخالفا للعامة دون الآخر فكذلك ، وإلّا فيرجع إلى التخيير ، أو إلى الأصول العملية ، كما هو الصحيح.
ولا يتوهم في المقام ما ذكرناه من تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في الحجية ، وذلك لأنه انما كان في الدلالة الالتزامية لكونها تابعة للدلالة المطابقية تبعية المعلول عن علته ، فإذا فرضنا انتفاء العلة انتفى المعلول أيضا. وهذا بخلاف الدلالة التضمنية ، فانها ليست تابعة للدلالة المطابقية ، فان دلالة العام على ثبوت