خبران أصلا ، إذ لا تعاند بين وجوب إكرام العادل مهملا وحرمة إكرام الفاسق كذلك. وإنما التنافي بين إطلاقهما بما انه كاشف عن سريان المراد الجدي ، فبين نفس الخبرين لا تعارض في العرض.
وأما الإطلاق فالظاهر سقوطه في كليهما ، ولو كان أحدهما سابقا على الآخر زمانا ، لما عرفت عن قريب من أن الإطلاق متوقف على عدم القيد بقاء ، كتوقفه على عدمه حدوثا.
وعليه فتحقق الإطلاق في كليهما ممنوع للتعارض. وفي أحدهما دون الآخر بلا مرجح ، فيسقط في كليهما ، فيكونان مجملين ، فيرجع في الزائد على المتيقن إلى ما يقتضيه الأصل العملي أو العام الفوق.
ثم ليعلم ان مخالفة الرواية مع الكتاب تتصور على صور. فتارة : يكون الخبر مخالفا مع عموم الكتاب أو إطلاقه ، بأن يكون أخص مطلق منه ، فيكون مخالفته معه بدويا. ومن الظاهر انه يخصص الكتاب ان لم يكن له معارض ، ولا يعمه الروايات الواردة في ان ما خالف الكتاب باطل أو زخرف ، للقطع بصدور أخبار أخص مطلق من الكتاب من الأئمة عليهمالسلام وهذا ظاهر.
نعم إذا كان الخبر المخالف لعموم الكتاب مبتلى بالمعارض لا يخصص به الكتاب ، لعدم حجيته للمعارضة. بل مقتضى صحيحة الراوندي (١) تقديم الخبر الموافق لعموم الكتاب عليه.
وأخرى : يكون التنافي بين الخبر والكتاب بالتباين. وهذا هو المتيقن من الاخبار الواردة في بطلان ما خالف الكتاب وكونه زخرفا ، فيطرح بلا إشكال.
وثالثة : يكون المعارضة بينهما بالعموم من وجه. وفي هذا الفرض ان كان
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٩.