موضوعه بمرتبة ، وموضوعه متأخر عن الحكم الواقعي بمرتبة ، فلا بد في الحكم الظاهري من فرض وجود حكم واقعي وفرض الشك فيه ثم جعله في هذا الفرض. كما أن موضوع الحكم الظاهري متأخر عن موضوع الحكم الواقعي بمرتبتين ، لأنه متأخر عن نفس الحكم الواقعي تأخر المتعلق عن متعلقه والمقيد عن قيده ، والحكم الواقعي متأخر عن موضوعه تأخر الحكم عن موضوعه ، فالحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي ، فكيف يمكن جعلهما بإنشاء واحد.
وفيه : أنه إنما يتم على مسلك صاحب الكفاية من كون الأحكام منشأة بالألفاظ ، وهو فاسد. وقد بينا في محله ان الأحكام بأجمعها أمور اعتبارية ، توجد بنفس الاعتبار ، وليست الألفاظ إلّا مبرزة لها ، بل لا يعقل إيجادها باللفظ ، ولذا قلنا في بحث الخبر والإنشاء أنه لا فرق بينهما من حيث المبرز ، فالجملة الخبرية مبرزة لقصد الحكاية ، والإنشائية مبرزة للاعتبار النفسانيّ ، والفرق بينهما ان الحكاية قد تكون مطابقة للواقع فيكون الخبر صدقا ، وقد تكون مخالفة للواقع فيكون كذبا.
وعلى هذا لا مانع من ان يعتبر الحكم الواقعي للأشياء بعناوينها الأولية ، ثم يفرض الشك فيها ويعتبر الحكم الظاهري للشاك ، فيبرزهما معا بمبرز واحد ، وهو غير مستلزم لإيجاد أمرين طوليين دفعة واحدة ليكون مستحيلا.
ثانيها : من ناحية الغاية ، وحاصله : ان غاية الحكم الواقعي من ناحية الجعل منحصرة بالنسخ وانتهاء أمده ، وفي مرحلة المجعول تبدل الموضوع من غير دخل للعلم والجهل في ذلك. وأما الحكم الظاهري فارتفاعه لا يكون إلّا بتبدل موضوعه أعني الشك بالعلم. ولذا ليس مجرد العلم بالخلاف رافعا للحكم الواقعي ، فإذا اعتقد المكلف ملاقاة ثوبه مع النجس لا ترتفع طهارته ما لم تتحقق الملاقاة واقعا ، وهكذا في مرحلة الجعل ليس مجرد العلم بالنسخ رافعا له. وفي