انتصاف الليل ، حتى إذا لم يكن التأخر عن عمد ، بل كان لنوم أو نسيان ، أو ان وجوب الإتيان بها قبله تكليفي محض لفقدان العامل أو إهماله ، فان الشك حينئذ من الشك في المقتضي ، لعدم إحراز استعداد المتيقن للبقاء بعد ذلك ، لاحتمال كون وجوبها مغيا بما قبل انتصاف الليل ، فلا يجري الاستصحاب.
وأما في الشبهة الموضوعية ، كما إذا علم بأن الغاية للظهرين استتار القرص ، وشك في تحققه لغيم ونحوه ، فيجري الاستصحاب بناء على جريانه في التدريجيات.
هذا وقد ظهر ان المراد من المقتضي مقتضي الجري العملي على طبق اليقين السابق ، فإذا أحرز قابلية المتيقن للاستمرار والبقاء من حيث الزمان بحيث لا يشك في ارتفاعه إلّا من جهة طرو أمر يحتمل رافعيته كان الشك فيه شكا في الرافع ، كالشك في بقاء نجاسة الماء المتغير إذا زال تغيره بنفسه ، أو الماء المتنجس المتمم كرا ، أو زوال العلقة الزوجية بقول الزوج أنت خلية أو برية.
ومن هذا القبيل إذا شك في زوال طهارة المتيمم إذا وجد الماء في أثناء الصلاة ، فان وجدانه له قبل الشروع في الصلاة يبطل تيممه ، كما انه إذا كان بعد الفراغ لم تبطل بالإضافة إلى ما أتى به معه من الصلاة. وأما إذا وجد الماء في الأثناء ففي ارتفاع طهارته وجهان ، ويمكن التمسك فيها بالاستصحاب. وربما يشكل عليه بأنه من الشك في المقتضي. وبما ذكرناه ظهر انه ليس كذلك ، لأن الطهارة في نفسها قابلة للاستمرار ، فالشك فيها من الشك في الرافع.
وأمّا إذا لم يكن لما تعلق به اليقين استمرار في نفسه ، أو لم يحرز ذلك بحيث احتمل ارتفاعه بنفس مرور الزمان ولو لم يحدث بشيء في العالم غيره ، كالخيار المحتمل فوريته ، كان الشك في مقتضي الجري العملي ، فلا يجري فيه الاستصحاب.