وبهذا البيان يندفع ما أورده السيد على الشيخ في عدة موارد تمسك فيها بالاستصحاب ، من أنه من الشك في المقتضي ، منها : مسألة المعاطاة إذا شك في بقاء الملكية بعد فسخ أحد المتعاطيين ، فان الملكية وان كانت جائزة إلّا انها لا تزول إلّا برافع.
إذا عرفت المراد من المقتضي يقع الكلام في وجه التفصيل ، وأنه ما الفرق بين الزمان وغيره من الغايات ، حتى اعتبر في الاستصحاب إحراز استمرار المتيقن في عمود الزمان دونها؟
قد يتوهم ابتناء ما ذهب إليه من التفصيل على إرادة المتيقن من اليقين المأخوذ في الصحيحة ، كما استظهره في الكفاية (١) ، فيقال : ان النقض لا يسند إلّا إلى الأمر المبرم كالعهد والغزل والبيعة ونحوها ، فإذا كان للمتيقن استمرار وإبرام من حيث البقاء صلح اسناده إليه ، وإلّا فلا.
ولكن يرد عليه حينئذ ما أورده في الكفاية ، مضافا إلى ان إرادة المتيقن من اليقين في نفسه خلاف الظاهر لو لم يكن غلطا.
ولكن يمكن توجيه التفصيل المزبور بوجه آخر غير مبني على ذلك بأن يقال : انّ «لا تنقض اليقين بالشك» لا يعم موارد الشك في المقتضي ، ولو أريد من اليقين نفس الصفة. توضيحه : ان اليقين في الصحيحة أريد به الصفة طريقيا ، وأسند إليها النقض لما فيها من الإبرام والاستحكام في مقابل الشك ، فان اليقين من يقن بمعنى ثبت ، فهذا العنوان يطلق على تلك الصفة باعتبار ثبوتها وتحققها وإبرامها ، كما يطلق عليها القطع باعتبار كونها قاطعة للتحير والترديد ، ويطلق عليها العلم باعتبار كونها انكشافا. ولعل هذا هو السر في إطلاق العالم عليه تعالى دون القاطع
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٨٥.