العقل ان الذى ينبغي أن يجعل هذا البحث تمهيدا لمبحث الملازمة هو البحث عن نفس الحسن والقبح الذاتيين وإلا الحسن الذى يستتبع الثواب والقبح الذي يستتبع العقاب هو متأخر عن القول بالملازمة اذ هو مساوق للاطاعة التي هي متأخرة عن الحسن الذاتى. وبالجملة عندنا حسنان سابق على ما يترتب عليه المدح والثواب ، وحسن يستتبع ذلك والذي ينبغي ان يكون مقدمة لبحث الملازمة هو الحسن المساوق لمرتبة الذات ثم لا يخفى ان الحسن والقبح ان كانا بمعنى ان نفس ادراكهما يعجب العقل أو ينفره ولا يحتاج في ادراكهما الى شيء آخر فهما ذاتيان وإلّا فعرضيان مثال الذاتي هو الظلم فان الظلم بنفسه يوجب اشمئزاز النفس من غير حاجة الى ان يتصور شيء آخر لا يقال ان الظلم تارة يكون في محله واخرى لا يكون في محله فليس على الاطلاق العقل يحكم بالاشمئزاز لانا نقول مأخوذ في مفهوم الظلم ان لا يكون في محله واما مثل ضرب اليتيم للتأديب ففى الحقيقة ليس من الظلم واما مثال الحسن الذاتي فقد مثل له بحسن الاحسان. فتحصل مما ذكرنا ان الحسن والقبح تارة يكونان ذاتيين واخرى يكونان عرضيين فليس هما على الاطلاق ذاتيين وليسا على الاطلاق عرضيين. اذا عرفت ذلك فاعلم ان الوجدان حاكم على ان العقل يدرك الحسن الذاتي والقبح الذاتي فان العقل يدرك قبح الظلم لذاته من دون ان يتصور شىء آخر من عادة وغيرها وقد خالف في ذلك بعض الاخباريين فانكروا ان العقل يدرك الحسن والقبح الذاتيين وادعوا ان كل ما يدركه العقل مما يترتب عليه الذم فهو راجع الى المقبحات العرفية وكذلك ادراكه مما يترتب عليه المدح فهو راجع الى المحسنات العرفية ويؤيد ذلك بان هناك موارد مسلمة مثل