الاصول ، وهو ما إذا أريد من اللفظ إفهام معناه الحقيقي واريد الانتقال منه إلى لازمه أيضا ، فيكون المعنيان مقصودين بالإفادة ، فالمستعمل فيه ـ على ما قرّرنا ـ هو المعنى الحقيقي خاصّة ، إذ ليس لازمه مرادا بالأصالة ابتداء ، وإنّما اريد بتوسّط إرادة المعنى الحقيقي ، فهو مدلول التزاميّ للّفظ قد صارت دلالة اللفظ عليه من جهة كونه لازما لما اريد منه مقصودا للمتكلم من غير أن يستعمل اللفظ فيه ؛ ولذا لا يكون قصده لتلك الدلالة تصرّفا في اللفظ ليتوقّف جوازه على ترخيص الواضع كما هو الحال في إستعمال اللفظ في معانيه المجازيّة ، فبعد إستعمال اللفظ في معناه الحقيقي وتعلّق القصد به يحصل الدلالة على ذلك اللازم قهرا ، ولا يتفاوت الحال في استعمال اللفظ بين أن تكون تلك الدلالة الخارجيّة مقصودة للمتكلّم أيضا أو لا.
فالفرق بينه وبين ما إذا لم يكن المعنى الحقيقي مقصودا بالإفادة ظاهر للمتأمّل ؛ لوضوح حصول التصرف في اللفظ هناك ، حيث اطلق واريد به غير معناه الموضوع له ، فيتوقّف على ترخيص الواضع له لئلّا يخرج عن كلام العرب ، من غير فرق بين ما يستعمل اللفظ في غير الموضوع له ابتداء وما يجعل إرادة المعنى الموضوع له صورة وصلة إليه ، فإنّه حينئذ هو الذي يستعمل اللفظ فيه على الوجهين.
فظهر بما ذكرنا عدم اندراجها إذن في استعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي معا ، وسيجيء لذلك مزيد توضيح في محلّه إن شاء الله.
فإن قلت (١) : إذا كان المناط في استعمال اللفظ في المعنى أن يكون ذلك
__________________
(١) قوله : «فإن قلت : إذا كان المناط ... الخ» غرض المورد إبطال التفسير المذكور للاستعمال ، بأنّه لو كان معنى استعمال اللفظ في المعنى ما ذكر من كونه مقصودا أصليّا أوّليا من اللفظ وإن تقدّمه مراد صوريّ لمجرد الايصال إليه لزم أن يكون اللفظ مستعملا في مثل التلذّذ بمخاطبة المحبوب ، حيث يكون هو الغرض الأصلي من الخطاب أو في لازم الحكم ، حيث يكون الغرض المسوق له الكلام إفادته فلا يكون حقيقة ، ضرورة أنّ اللفظ غير موضوع لتلك الأغراض ، وبطلانه ظاهر. ولو جعل الثاني كون اللفظ في الموارد المذكورة غلطا نظرا إلى انتفاء الوضع والمناسبة للموضوع له لوضوح انتفاء العلاقة المصحّحة للاستعمال بين مضمون ـ