المخبر به ، فإن كان المقصود بالإفادة هو اللازم على الوجه الثاني فهو يندرج في المجاز وينطبق حدّه عليه ؛ لكونه من استعمال اللفظ في غير ما وضع له مع مناسبته له ، وأمّا إرادة اللازم على الوجه الأوّل فليس من استعمال اللفظ في ذلك أصلا ، بل المستعمل فيه هو المعنى الحقيقي ، إلّا أنّه ليس مقصود المتكلّم من الكلام إفادة مضمونه ، بل سائر الفوائد المترتّب على ذلك الكلام من لازم الحكم أو غيره ، فالمعنى الموضوع له مقصود بالذات من ذلك الكلام بالنظر إلى ما قصد من الألفاظ وإن لم يكن ذلك هو المقصود بالذات من التكلّم ، ولا يعتبر في قصد المعنى من اللفظ بالذات أن يكون المقصود بالذات من التكلّم إفادة ذلك ؛ لوضوح أنّه قد يكون المراد امورا اخر مع عدم استعمال اللفظ في شيء منها.
وبتقرير أوضح : أنّ لوازم الكلام إمّا أن يكون من لوازم المعنى الموضوع له فلا يراد من الكلام إفادة الموضوع له بل إفادتها فيكون ذلك إذن من المجاز ، وإمّا أن يكون من لوازم الإخبار أو التكلّم أو المخاطبة ونحوها. فكونها هي المقصودة بالإفادة لا ربط له باستعمال اللفظ ، كيف ولو كان اللفظ هناك مستعملا في تلك اللوازم لزم أن يكون غلطا ؛ إذ لا واسطة بين الحقيقة والمجاز ، والاستعمال الصحيح منحصر فيهما عندهم ؛ وذلك لانتفاء المناسبة بين الموضوع له وبينها ، ألا ترى أنّ المعنى الموضوع له لقولك : «زيد مات» هو موت زيد بحسب الواقع
__________________
ـ مجرّد انتقال المخاطب إلى علمك به ، فإنّهما وإن اشتركا في أنّ المعنى الموضوع له مراد من اللفظ فيهما ، إلّا أنّك في المثال الأوّل إنّما قصدت المعنى الموضوع له أعني كثرة الرماد لمجرّد الانتقال منه إلى لازمه ، وفي الثاني لم يقصد المعنى الموضوع له أعني موت زيد بحسب الواقع ليكون ذلك المعنى واسطة في الانتقال إلى غيره ، وكون غرضك من الإخبار المذكور أن ينتقل المخاطب إلى لازم ذلك الإخبار أمر آخر لا ربط له بإرادة المعنى الموضوع له في نفسه ، أي لا لأجل الانتقال منه إلى غيره ، ولذا قلنا : يكون المعنى الموضوع له مقصودا أصليّا من اللفظ هنا واللفظ مستعملا فيه وحقيقة ، بخلاف الأوّل فإنّ المقصود للأصلي عن اللفظ فيه هو اللازم واللفظ مستعمل فيه ومجاز. للشيخ محمد (سلّمه الله). من المطبوع (١).