فإنّ قول كلّ مجتهد دليل بالنسبة إليه ، وكذا كلّ واحد من فتاويه دليل بالنسبة إلى الحكم الذي أفتى به. ومع الغضّ عن ذلك فالأدلّة الإجماليّة في شأنه أيضا متعدّدة ، فإنّه قد يكون الحجّة عليه قول المجتهد الحيّ الأفضل ثمّ المفضول ثمّ قول معظم الأموات ـ فيما إذا لم يتمكّن من قول الحيّ وتمكّن من تحصيل الشهرة ـ ثمّ قول الأفضل من الأموات ثمّ قول أيّ منهم ، وقد يرجع إلى الأخذ بالاحتياط إذا تمكّن من تحصيله ؛ إلى غير ذلك من الوجوه المذكورة في محلّه ، فهناك أدلّة إجماليّة في شأنه وإن كانت مترتّبة في الحجّية ، لكن يمكن اجتماعها في الحجّية بالنسبة إلى المسائل المتعدّدة.
ثالثها : أنّه بعد الحكم بكون المقلّد أيضا آخذا عن الأدلّة فله أيضا تفصيل فيها ، فإنّ قول المجتهد بالنسبة إليه كقول النبيّ صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام بالنسبة إلى المجتهد ، فلكلامه أيضا عامّ وخاصّ ومطلق ومقيّد ونصّ وظاهر ، بل وناسخ ومنسوخ نظرا إلى ما يطرؤه من العدول في بعض الأحكام ؛ وكذا قد يأخذ الحكم عنه مشافهة ، وقد يأخذه بالواسطة مع اتّحادها أو تعدّدها مع اختلاف مراتب العدالة وكيفيّة ثبوتها عنده ، إلى غير ذلك ؛ مضافا إلى ما عرفت من أدلّته المترتّبة. ومع الغضّ عن ذلك كلّه فقد يضمّ الدليل الإجمالي إلى الأدلّة التفصيليّة كما في المتجزّئ على القول به ، فيصدق إذن على علمه أنّه مأخوذ عن الأدلّة التفصيليّة مع عدم صدق الفقه على ما أخذه على سبيل التقليد.
ويدفعه ما مرّ : من أنّ شيئا من أدلّة المقلّد لا يفيد الحكم على وجه التفصيل ، وإنّما يفيده على جهة الإجمال حسب ما مرّ ، وليس مجرّد تعدّد الأدلّة قاضيا بكونها تفصيليّة ، كما أنّ اتّحاد نوع الدليل للمجتهد في صورة الاكتفاء به لا يجعله إجماليّا ؛ على أنّ الحجّة عليه هو قول المجتهد وهو دليل واحد إجماليّ ، والتفصيل المذكور إنّما يقع في معرفة حكمه وطريق إثباته والعلم به. وممّا ذكرنا يعرف الحال في المتجزّئ بالنسبة إلى ما يأخذه على وجه التقليد.
هذا ، وأنت خبير بأنّ الظاهر من الأدلّة في المقام هو الأدلّة المعهودة للفقه بناء