كما إذا كان المكلّف غافلا عن وجوب المقدّمة أو لا يكون قائلا بوجوبها نظرا إلى اختلاف الأنظار في ذلك ، إذ لا وجه حينئذ لترتّب الذمّ على تركها ولا للقول بوجوبها.
ويدفعه : أنّ الحال في وجوب المقدّمة لا يزيد على سائر الواجبات ، فإذا لم تكن الغفلة عن سائر الواجبات باعثة على سقوط وجوبها في أصل الشريعة ـ وإن كان عذرا لخصوص الغافل في تركه لها ـ فكذا في المقام ؛ على أنّه قد يقال : بأنّ الغفلة عن وجوب المقدّمة مع عدم الغفلة عن كونها مقدّمة لا يقضي بسقوط وجوبها ، ولذا يصحّ ورود الذمّ على تركها سواء كان قائلا بوجوب المقدّمة أو لا غافلا عن وجوبها أو لا ، وذلك لأنّ المفروض كون وجوبها غيريّا وقد فرض علمه بوجوب الغير وبإدّاء تركها إلى ترك ذلك الغير ، وذلك كاف في استحقاق الذمّ على تركها من جهة الإدّاء إلى ترك الغير ، فلا تمنع الغفلة المفروضة عن تعلّق الوجوب بها على النحو المذكور.
أو يقال : إنّ العلم بالمقدّمة والعلم بوجوب ذيها لا ينفكّ عن العلم بوجوبها لأجلها ؛ غاية الأمر أن يكون غافلا عن علمه به فالعلم المعتبر في تعلّق التكليف حاصل في المقام وإن كان غافلا عن حصوله. فتأمّل.
قوله : (أنّ المقدور كيف يكون ممتنعا ... الخ).
يريد أنّا نختار بقاء الواجب على وجوبه بعد اختيار المكلّف ترك مقدّمته قولكم : إنّ حصول الواجب حال انتفاء ما يتوقّف عليه ممتنع فيلزم التكليف بالمحال.
قلنا : هذا فاسد ، إذ الكلام في المقام إنّما هو في المقدّمات المقدورة حسب ما ذكر في عنوان البحث ، وحينئذ فلا يعقل أن يكون المقدور ممتنعا حال تركه ؛ كيف ومن الواضح أنّ الخلاف في وجوب مقدّمة الواجب ليس في خصوص المقدّمة الموجودة؟ فإذا كانت المقدّمة المقدورة مع كونها مقدورة محلّا للنزاع فكيف يعقل أن يكون بمجرّد ترك المكلّف غير مقدورة؟ فإذا تحقّق حصول القدرة على