وأنت خبير بأنّه إن خصّ ذلك بالشروط الشرعيّة ليكون إشارة إلى الدليل المذكور لم يفد ذلك وجوب الشرط مطلقا ، كما هو قضيّة إطلاقه ، وإن أراد به مطلق الشرط لم يتّجه ما ذكره من الملازمة ، ولا يجري ما ذكره ـ مع فساده ـ في غير الشروط الشرعيّة كما لا يخفى.
ولنختم الكلام في المرام ببيان امور :
أحدها : أنّه يجري الكلام المذكور في وجوب المقدّمة وعدمه بالنسبة إلى أجزاء الواجب أيضا نظرا إلى توقّف وجود الكلّ على وجودها ، فلا بدّ من الإتيان بها لأجل أداء الكلّ ، فحينئذ يجب الإتيان بها لأجل أدائه بناءا على القول بوجوب المقدّمة ولا يجب الإتيان بها بناءا على عدم وجوبها ، فالحال فيها كالحال في المقدّمات من غير فرق ، فالوجوب المتعلّق بها على القول بوجوب المقدّمة توصّلي أيضا ، ودلالة وجوب الكلّ على وجوبها بالاستلزام العقلي كالمقدّمات.
وقد يتخيّل الفرق بين الأمرين بأنّ دلالة وجوب الكلّ على وجوب أجزائه على سبيل التضمّن لاندراجها فيه دون المقدّمات الخارجة ، لأنّه لا يعقل إفادته لوجوبها إلّا على وجه الاستلزام ، فلا وجه لجعل الدلالة في المقامين على نحو واحد.
وعن بعض الأفاضل : أنّ محلّ الخلاف هو الأمور الخارجة عن ظاهر ما تناوله الأمر من الأسباب والشروط وأمّا الأجزاء فكأنّه لا ريب في أنّ الأمر بالكلّ أمر بها من حيث هي في ضمنه ، لأنّ إيجاد الكلّ هو إيجادها كذلك ، وليس ايجاد الكلّ أمرا آخر غير إيجاد أجزائها. انتهى.
وقد قطع الفاضل المحشّي في البحث الآتي بأنّ وجوب الكلّ يستلزم وجوب كلّ من أجزائه ، إذ جزء الواجب واجب اتّفاقا ، ومن جميع ذلك يظهر أنّ دلالة وجوب الكلّ على وجوب أجزائه ممّا لا مجال للتأمّل فيها كيف وقد عدّ دلالة التضمّن من المنطوق الصريح بخلاف المقدّمات؟ فإنّ دلالة الالتزام مبنيّة على ثبوت الاستلزام وهو قابل للإنكار والمنع.