إلى كونه في حكم المقدّمة السببيّة ، فكما يجب الأسباب المفضية إلى فعل الواجب كذا يحرم السبب المفضي إلى الحرام كما سيشير إليه المصنّف بل قد يقال بتحريمه ولو مع عدم القول بوجوب المقدّمة مطلقا لاستفادة ذلك من تتبّع موارد الشرع ، وأمّا سائر مقدّمات الحرام فلا وجه للقول بتحريمها ، لعدم استلزامها لحصول الحرام وعدم كونها معتبرة في ترك الحرام ليتوقّف تركه على تركها إلّا أن تكون جزءا أخيرا للعلّة التامّة فتحرم لما عرفت ولا يبعد إدراجها إذا في الأسباب.
نعم لو قصد بفعل المقدّمة التوصّل إلى الحرام كان محرّما ، لقيام الدليل على تحريم الأفعال الّتي يقصد بها المحرّمات وهو حينئذ حرام نفسي فلا ربط له بالمقام ، ولا فرق إذا بين ما إذا حصل التوصّل بها إلى الحرام أو لا.
سابعها : قد يتخيّل أنّ المقدّمة إذا كانت فعل امور يكون الإتيان بالواجب حاصلا في ضمنها كالصلاة إلى الجوانب الأربع والصلاة في الثوبين المشتبهين كانت واجبة على القولين :
قال في الوافية : وكأنّه لا خلاف في وجوبه ، لأنّه عين الإتيان بالواجب بل هو منصوص في بعض الموارد كالصلاة إلى أربع جهات عند اشتباه القبلة والصلاة في كلّ من الثوبين المشتبهين عند اشتباه الطاهر بالنجس وغير ذلك انتهى.
ويرد عليه : أنّه إن قيل بكون الأفعال المتعدّدة متقدّمة بالنسبة إلى نفس الواجب فهو بيّن الفساد ، لوضوح عدم الحاجة في وجوده إلى التكرار وإن اريد كون ذلك مقدّمة للعلم بأداء الواجب فإنّه كما يجب الإتيان بالفعل يجب العلم بتفريغ الذمّة أيضا فيكون التكرار واجبا لتوقّف وجود العلم الواجب عليه.
فدعوى كون الواجب حاصلا في ضمن المقدّمة غير ظاهرة ، فإنّ الواجب الّذي يكون التكرار مقدّمة بالنسبة إليه هو العلم بأداء الواجب وهو غير حاصل في ضمنها وأداء أصل الواجب الحاصل في ضمنها ليس ممّا يتوقّف حصوله على التكرار قطعا فليس ذلك مقدّمة بالنسبة إليه ، وحيث كان التكرار المفروض مقدّمة بالنسبة إلى وجود العلم الواجب كان الحال فيه كسائر المقدّمات من غير فرق.