معالم الدين :
أصل
الحقّ أنّ الأمر بالشيء على وجه الإيجاب لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ لفظا ولا معنى.
وأمّا العامّ ؛ فقد يطلق ويراد به أحد الأضداد الوجوديّة لا بعينه ، وهو راجع إلى الخاصّ ، بل هو عينه في الحقيقة ، فلا يقتضي النهي عنه أيضا. وقد يطلق ويراد به الترك. وهذا يدلّ الأمر على النهي عنه بالتضمّن.
وقد كثر الخلاف في هذا الأصل ، واضطرب كلامهم في بيان محلّه من المعاني المذكورة للضدّ ؛ فمنهم : من جعل النزاع في الضدّ العامّ بمعناه المشهور ـ أعني الترك ـ وسكت عن الخاصّ. ومنهم : من أطلق لفظ الضدّ ولم يبيّن المراد منه. ومنهم : من قال : إنّ النّزاع إنّما هو في الضدّ الخاصّ. وأمّا العامّ بمعنى الترك فلا خلاف فيه ، إذ لو لم يدلّ الأمر بالشيء على النهي عنه ، لخرج الواجب عن كونه واجبا.
وعندي في هذا نظر ؛ لأنّ النزاع ليس بمنحصر في إثبات الاقتضاء ونفيه ، ليرتفع في الضدّ العامّ باعتبار استلزام نفي الاقتضاء فيه خروج الواجب عن كونه واجبا ، بل الخلاف واقع على القول بالاقتضاء في أنّه