وأمّا كونه عامّا فظاهر لمقارنته لكلّ من الأضداد الوجوديّة أو لشموله ما يقارن الأضداد الخاصّة وما لا يقارنها بناءا على إمكان خلوّ المكلّف عن الأفعال أو لكون المنهيّ عنه حينئذ أمرا عامّا لا يقتضي تعلّق النهي بشيء من الأضداد الخاصّة ، كما يقضي به تعلّق النهي بالضدّ الخاصّ على أحد الوجوه المتقدّمة ، ونحو ذلك إطلاقه على الكفّ عن فعل المأمور به فهو أيضا فعل عامّ يغاير كلّا من الأضداد الخاصّة ويقارنها ، والقائل بكون متعلّق النهي هو الكفّ دون الترك ينبغي أن يعتبر في الضدّ العامّ في المقام الكفّ المذكور ، وحينئذ فإطلاق الضدّ عليه ظاهر بالنظر إلى الاصطلاح أيضا.
قوله : (وهذا يدلّ الأمر على النهي عنه بالتضمّن ... الخ).
وذلك لكون مدلول الصيغة طلب الفعل مع المنع من الترك فتكون دلالتها على المنع من الترك بالتضمّن وسيجيء تفصيل القول فيه إن شاء الله.
قوله : (واضطرب كلامهم في بيان محلّه).
إعلم : أنّ الكلام في بيان محلّ النزاع في المقام يقع في امور :
أحدها : أنّ المراد بالنهي عن الضدّ الّذي وقع الكلام في دلالة الأمر عليه هل هو النهي الأصلي أو التبعي؟ وهل يراد به النهي النفسي أو الغيري؟
فإنّه كما ينقسم الواجب إلى أصلي وتبعي ونفسي وغيري كذلك الحرام ينقسم إلى الأقسام الأربعة المذكورة ، فما يتعلّق غرض الشارع بعدمه في نفسه فهو حرام أصلي ، وما يتعلّق غرضه بعدمه لأدائه إلى محرّم آخر وأداء عدمه إلى واجب من غير أن يكون له مطلوبيّة مع قطع النظر عن ذلك فهو حرام غيري ، وما يكون متعلّقا للخطاب على نحو ما مرّ في الواجب الأصلي فهو حرام أصلي ، وما يلزم حرمته من تعلّق الخطاب بشيء آخر من غير أن يتعلّق به أصالة فهو حرام تبعي.
وحينئذ نقول : إنّه على القول بكون الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه ليس هناك تكليفان صادران عن المكلّف ، بل الحاصل هناك تكليف واحد يكون أمرا بالشيء وهو بعينه نهي عن ضدّه ، فمفاد وجوب الشيء عند هذا القائل هو حرمة