وفيه أيضا تأمّل وقد مرّ الكلام في نظيره ويمكن أن يقال : إنّ البحث في المقام لا يدور مدار لفظ الأمر وإنّما المقصود دلالة إيجاب الفعل على تحريم ضدّه فالمطابقة إنّما تلحظ بالنسبة إلى ذلك.
قوله : (ما سنبيّنه من ضعف متمسّك مثبتيه ... الخ).
يمكن أن يقال : إنّ ضعف متمسّك القوم وعدم وجدان دليل آخر عليه لا يدلّ على انتفائه ، أقصى الأمر أن يقضي ذلك بالوقف فكيف يجعل ذلك دليلا على عدم الاستلزام؟
ويدفعه : أنّ عدم وجدان دليل صالح عليه بعد بذل الوسع فيه ووقوع البحث عنه بين العلماء في مدّة مديدة يفيد الظنّ بعدمه فيكون ذلك دليلا ظنّيا على انتفائه.
وفيه : أنّه لا حجّية في الظنّ المذكور في المقام ، إذ المفروض خروجه عن المداليل اللفظيّة ممّا يكتفى فيها بمطلق المظنّة ، فالأولى أن يقال : إنّ المستند بعد انتفاء الدليل على الاقتضاء المذكور هو أصالة عدم النهي عن الضدّ وعدم استلزام الأمر له ، فإنّ الحكم بالاستلزام يتوقّف على قيام الدليل عليه ، وأمّا نفيه فعدم قيام الدليل على الاستلزام كاف فيه ، نظرا إلى قيام الأصل المذكور.
قوله : (ما علم من أنّ ماهيّة الوجوب ... الخ).
أورد عليه : تارة : بأنّ الوجوب حكم من أحكام المأمور به ولازم من لوازم مدلول الصيغة على بعض الوجوه وليس مدلولا مطابقيّا للّفظ حتّى يعدّ دلالة اللفظ على جزئه من التضمّن ، بل دلالة اللفظ عليه من قبيل الدلالة على جزء معناه الالتزامي فكيف يعدّ من التضمّن؟
وتارة بأنّ الوجوب معنى بسيط لا جزء له والمنع من الترك ليس جزءا من مدلوله ، وإنّما هو لازم من لوازمه فهو طلب خاصّ يتفرّع عليه المنع من الترك ، فلا وجه لعدّه معنى تضمّنيّا ، وإن سلّمنا كون دلالة الصيغة على الوجوب على سبيل المطابقة.
ويمكن دفع الأوّل بأنّه لو كان المقصود بالوجوب في المقام هو معناه