الشيئين على سبيل الاتفاق ممّا لا يعقل بالنسبة إلى أفعال المكلّفين ، إذ مع إمكان الانفكاك عقلا أو عادة يكون للمكلّف التفريق بينهما وإن ادرجت العلّيّة العادية في القسم الثاني ، فالحكم بعدم جريان حكم المتلازمين فيه كما ترى.
قوله : (إنّ تضادّ الأحكام بأسرها يمنع ... الخ).
لا يخفى : أنّه كما يمنع تضادّ الأحكام من اجتماع اثنين منها في محلّ واحد كذا يمنع منه قبح التكليف بما لا يطاق ، وذلك ظاهر فيما إذا أوجب الإتيان بأحد المتلازمين وحرم الإتيان بالآخر ، فإنّه يتعذّر على المكلّف امتثال الأمرين ، ومن البيّن : أنّه كما يستحيل التكليف بما لا يطاق بالنسبة إلى تكليف واحد كذلك يستحيل بالنسبة إلى تكليفين أو أكثر ، فحرمة ترك المأمور به وإن لم يناف إباحة فعل الضدّ إلّا أنّه ينافي وجوبه على ما هو مورد ثمرة المسألة بل ينافي استحبابه أيضا ، لاستحالة الامتثال له بعد تحريم ما يلازمه ، فدفع الوجه المذكور بأنّ قضيّة التضادّ امتناع اجتماعهما في موضع واحد لا موضعين لا يدفع ما ذكرناه ، فالحكم بجواز حصول حكمين من الأحكام الخمسة مطلقا في المتلازمين المفروضين ليس على ما ينبغي.
قوله : (على أنّ ذلك لو أثّر).
أشار بقوله : «ذلك» إلى التلازم بين الشيئين يعني : لو كان التلازم بين الشيئين مطلقا قاضيا بعدم حصول حكمين منها في المتلازمين لثبت قول الكعبي ، وقد يجعل قوله : «لو أثّر» بمنزلة : لو صحّ ، فيكون قوله «ذلك» إشارة إلى كون مطلق التلازم بين الشيئين مانعا من اتّصاف المتلازمين بحكم غير حكم الآخر ، فلو صحّ ذلك لثبت قول الكعبيّ بانتفاء المباح ، والأوّل أظهر.
قوله : (لثبت قول الكعبي بانتفاء المباح ... الخ).
لا يخفى : أنّ شبهة الكعبي على تقريره المشهور مبنيّة على عكس هذه المسألة أي : قضاء النهي عن الشيء بالأمر بضدّه ، وهو إنّما يتبيّن بإثبات توقّف ترك الحرام على فعل ضدّه ، ووجوب مقدّمة الواجب ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، وأمّا الوجه