معالم الدين :
أصل
المشهور بين أصحابنا أنّ الأمر بالشيئين أو الأشياء على وجه التخيير يقتضي إيجاب الجميع ، لكن تخييرا ، بمعنى أنّه لا يجب الجميع ، ولا يجوز الاخلال بالجميع ، وأيّها فعل كان واجبا بالأصالة. وهو اختيار جمهور المعتزلة.
وقالت الأشاعرة : الواجب واحد لا بعينه ، ويتعيّن بفعل المكلّف.
قال العلّامة رحمهالله ونعم ما قال : «الظاهر أنّه لا خلاف بين القولين في المعنى ، لأنّ المراد بوجوب الكلّ على البدل أنّه لا يجوز للمكلّف الإخلال بها أجمع ، ولا يلزمه الجمع بينها ، وله الخيار في تعيين أيّها شاء. والقائلون بوجوب واحد لا بعينه عنوا به هذا ، فلا خلاف معنويّ بينهم. نعم هاهنا مذهب تبرّأ كلّ واحد من المعتزلة والأشاعرة منه ونسبه كلّ منهم إلى صاحبه واتّفقا على فساده ، وهو : أنّ الواجب واحد معيّن عند الله تعالى غير معيّن عندنا ، إلّا أنّ الله تعالى يعلم أنّ ما يختاره المكلّف هو ذلك المعيّن عنده تعالى.
ثمّ إنّه أطال الكلام في البحث عن هذا القول. وحيث كان بهذه المثابة فلا فائدة لنا مهمّة في إطالة القول في توجيهه وردّه. ولقد أحسن المحقّق رحمهالله حيث قال بعد نقل الخلاف في هذه المسألة : «وليست المسألة كثيرة الفائدة».