قوله : (المشهور بين أصحابنا) (١).
لمّا كان حقيقة الوجوب متقوّمة بالمنع من الترك وكان جملة من الواجبات ـ كالواجب التخييري والموسّع ـ ممّا يجوز تركها في الجملة وقع الإشكال هناك في متعلّق الوجوب بحيث ترتفع المنافاة الّتي تتراءى بين الوجوب وجواز الترك ؛ ولذا وقع الخلاف بينهم في عدّة من الواجبات ممّا شأنها ذلك ، وعقدوا لكلّ منها بحثا ، ومن جملتها الواجب التخييري.
ويمكن تقرير الإشكال فيه : بأنّ الوجوب هناك امّا أن يتعلّق بكلّ واحد من الأفعال المعيّنة ، أو بالمجموع ، أو بواحد معيّن ، أو بواحد غير معيّن ، ولا سبيل إلى شيء منها.
أمّا الأوّل والثاني فللزوم عدم حصول الامتثال بأداء واحد منها ، هو خلاف الإجماع.
وأمّا الثالث فلاختصاص الوجوب هناك بذلك الفعل ، فيتعيّن الإتيان به دون غيره.
وأمّا الرابع فللزوم عدم حصول الامتثال بكلّ واحد من تلك الأفعال ، وهو أيضا خلاف الإجماع ، مضافا إلى أنّ الوجوب صفة معيّنة فلا يعقل تعلّقه بأمر مبهم بحسب الواقع.
وقد اختاروا لدفع الإشكال في المقام وجوها ، وقد اختلفت من جهته الأقوال في الواجب التخييري.
منها : ما اختاره كثير من أصحابنا : كالسيّد والشيخ والمحقّق والعلّامة في بعض كتبه ، وعزي القول به إلى المعتزلة وإلى جمهورهم ، بل عزاه في المنية إلى أصحابنا ؛ مؤذنا بإطباقهم عليه ، وهو القول بقيام الوجوب بكلّ واحد من الأفعال المفروضة ، لكن على سبيل التخيير، بمعنى كون ذلك الفعل مطلوبا للآمر بحيث
__________________
(١) في (ف) زيادة : «أنّ الأمر بالشيئين أو الأشياء ... الخ».