الحاصل ففي جواز إتيانه بمانع آخر يعلم معه المنع وجهان ، أوجههما المنع. ولو ظنّ معه بالمنع أيضا ففيه وجهان.
ولو كان شاكّا في كون ما يقدم عليه مانعا من الإتيان بالواجب في جميع الوقت ففي جواز الإقدام عليه حينئذ وجهان ، وذلك كما إذا أراد النوم بعد دخول الوقت وكان شاكّا في تيقّظه قبل انقضاء الوقت. وأمّا إذا كان ظانّا بالانتباه فلا يبعد الجواز ، وحينئذ فإن اتّفق استمراره على النوم لم يكن عاصيا حسب ما مرّ.
ثامنها : أنّه قال بعض الأفاضل : وممّا يتفرّع على توسيع الوقت وحصول التخيير بين جزئيّات الأفعال المتميّزة بحسب أجزاء الوقت والتخيير بين لوازم تلك الأفعال بحسب تلك الأوقات : كما إذا كان مقيما في بعض أجزاء الوقت مسافرا في بعضها ، وكونه صحيحا في بعضها مريضا في البعض ، واجدا للماء في بعضها فاقدا له في آخر فيتخيّر بين تلك الخصوصيّات واللوازم ، كما أنّه يتخيّر بين نفس الأفعال ، إذ التخيير بين الأفعال يستتبع التخيير في لوازمها. قال رحمهالله : فلا يمكن التمسّك باستصحاب ما يلزم المكلّف في أوّل الوقت في جزء آخر ، فالمكلّف في أوّل الظهر إنّما هو مكلّف بمطلق صلاة الظهر ، فعلى القول باعتبار حال الوجوب في مسألة القصر في السفر لا يمكن التمسّك باستصحاب وجوب التمام أوّل الوقت.
أقول : قضيّة ما ذكره رحمهالله جواز أداء الواجب لأصحاب الأعذار في أوّل الوقت ، من غير حاجة إلى التأخير مع رجاء زوال العذر وعدمه ، بل ومع الظنّ أو القطع بارتفاعه ، بل الظاهر ممّا ذكره قضاء ذلك بجواز التأخير مع عدم حصول العذر في الأوّل إذا ظنّ أو علم بحصوله مع التأخير ، بل ويجوز إذا إيجاده العذر المسقط للخصوصيّة الاختياريّة ، نظرا إلى ما زعمه من التخيير ، وهذا الكلام على إطلاقه ممّا لا وجه له أصلا.
وتوضيح الكلام في المقام : أنّ الخصوصيّات التابعة لكلّ من تلك الأفعال الخاصّة : إمّا أن تكون ثابتة للطبيعة المطلقة في حال الاختيار فتكون متساوية