الفعلين مقصودا من حيث انطباق مفهوم الأحد عليه لا بخصوصه ، لما عرفت من كون ذلك المفهوم أمرا متعيّنا في الذمّة يمكن تعلّق التكليف به.
إلّا أنّ هذا الاحتمال مدفوع في المخيّر بجهة اخرى مرّ تقريرها ثمّة ، لا من جهة عدم إمكانه كما في المقام.
وبما ذكرنا يظهر فرق آخر بين الكفائي والتخييري في ذلك ، فإنّ المطلوب في المخيّر هو خصوص الأفعال المفروضة من غير أن يكون لانطباق مفهوم الأحد عليها مدخليّة في تعلّق الأمر بها ، فليس المفهوم المفروض إلّا عنوانا محضا ، والمطلوب هو خصوص تلك الأفعال على وجه التخيير.
وأمّا في المقام فيمكن القول بمثل ذلك أيضا ، إلّا أنّ الظاهر تعلّق التكليف هنا بخصوص كلّ من الأشخاص من حيث انطباق مفهوم الأحد عليه ، إذ لا يلحظ فيه الطلب إلّا من أحدهم ، ولا ربط لخصوص كلّ منهم في تعلّق التكليف به ، فليس الطلب هنا متعلّقا بمفهوم الأحد من حيث هو ، ولا بخصوص كلّ من الأشخاص من حيث خصوصه ، لما عرفت من استحالة الأوّل ، وعدم ملاحظة خصوصيّة المكلّف في المقام ، بل إنّما المقصود حصول الفعل من واحد منهم ، فكلّ منهم إنّما يتعلّق به التكليف من حيث كونه واحدا منهم ، فمفهوم الأحد في المقام كلّي طبيعي يتعلّق به الأمر لا من حيث هو ، بل من حيث حصوله في ضمن أفراده واتّحاده بها ، فيتعلّق الأمر ابتداء بكلّ من آحاد الأشخاص من حيث انطباق المفهوم المذكور عليه لا لخصوصه ، ويكون ذلك المفهوم عنوانا لها ومرآة لتصوّرها ، فبذلك يصحّ التعبير بتعلّق التكليف بجميع تلك الأشخاص على سبيل البدليّة وتعلّقه بمفهوم أحدها أيضا.
الثالث : أنّ الواجب ما يستحقّ تاركه الذمّ والعقاب ، ومن البيّن أنّ الباقين لا ذمّ يتوجّه عليهم ولا عقوبة مع فعل البعض ، فلا يتحقّق وجوب بالنسبة إليهم.
والجواب عنه : أنّ الواجب ما يستحقّ تاركه الذمّ والعقاب في الجملة لا مطلقا ، وإلّا لانتقض بالمخيّر والموسّع كما مرّ ، وهو هنا حاصل لاستحقاقهم الذمّ والعقوبة على تقدير ترك الكلّ.