المذكور دالّ على أجزائه كذلك ، من غير فرق بين ما إذا كان الواضع مستحضرا للتفصيل حين الوضع أو متصوّرا له بالوجه. وإن كان السامع متصوّرا لذلك الكلّ بالوجه كان التصوّر المفروض عين تصوّر أجزائه بالوجه ، حيث إنّ ذلك الوجه الّذي يتصوّر به الكلّ وجه من وجوه أجزائه فيكون ذلك تصوّرا لها بالوجه المذكور وإن لم يشعر بتصوّره بخصوص تلك الأجزاء.
والحاصل : أنّه إذا دلّ اللفظ على الكلّ وانتقل السامع إليه عند سماع اللفظ فقد انتقل إلى أجزائه على حسب انتقاله إلى الكلّ ، فإن كان قد تصوّر الكلّ على وجه التفصيل فقد تصوّر أجزاءه كذلك ، وإلّا كان متصوّرا لها على وجه الإجمال كتصوّره للكلّ ، فيكون دلالته على الأجزاء على نحو دلالته على الكلّ.
وممّا يوضّح حصول الدلالة التضمّنية كلّما كان معنى اللفظ مركّبا : أنّ دلالة اللفظ على المعنى عبارة عن حضور المعنى في الذهن عند حضور اللفظ ، ومن البيّن : أنّ ذلك هو وجود المعنى المفروض في الذهن ، وأنّ وجود المركّب في أيّ ظرف كان لا ينفكّ عن وجود أجزائه في ذلك الظرف ، فكيف يعقل الانفكاك بينهما في المدلوليّة؟
بل نقول : إنّ دلالته على الأجزاء عين دلالته على الكلّ ، فهي مدلول عليها بمدلوليّة الكلّ ، فالدلالة المطابقيّة عين التضمّنية بحسب الواقع ، إلّا أنّها تفارقها بحسب الاعتبار والنسبة ، فهناك دلالة واحدة إن نسبت إلى الكلّ كانت مطابقة ، وإن نسبت إلى الأجزاء كانت تضمّنا.
فإن قلت : إنّ وجود الكلّ يتوقّف على وجود أجزائه وقضيّة التوقّف المغايرة فيكون دلالة اللفظ على الكلّ متوقّفا على دلالته على الأجزاء ، فكيف يصحّ القول باتّحاد الدلالتين ذاتا وتغايرهما اعتبارا؟
قلت : إنّه لا منافاة بين الأمرين ، فإنّ حصول الكلّ في الذهن عند حضور اللفظ الدالّ عليه وإن كان حصولا واحدا متعلّقا بالكلّ إلّا أنّه لا شكّ في كون الأجزاء حاصلة بحصول الكلّ حسب ما قرّرنا. ومن البيّن أنّ حصولها في ضمن