بكون ذلك اللازم مستعملا فيه أصلا ، كما مرّ. والحال في المقام من هذا القبيل ، لوضوح إرادة المعاني الحقيقيّة في المقام وتعلّق الحكم بها وإن كان المقصود من الحكم بها وإثباتها إفادة لوازمها وما يتفرّع عليها.
وأمّا عن الثاني فبأنّ اللازم المفهوم عن الكلام قد يكون لازما لمدلول اللفظ ، وقد يكون لازما للحكم به ، وقد يكون من لوازم الاقتران بين الشيئين ، ونحو ذلك. وليس المعدود من الكناية إلّا الصورة الاولى خاصّة ، كما يدلّ عليه حدّها ، فأقصى ما يلزم من ذلك أن يكون إرادة اللازم على الوجه الأوّل كناية ، وهو كذلك ، وهو إنّما يكون من بعض صور دلالة الإيماء حسب ما أشرنا إليه.
هذا ملخّص الكلام في تقسيم المنطوق.
وأمّا المفهوم : فإمّا أن يكون موافقا للمنطوق في الإيجاب والسلب ، أو مخالفا له في ذلك. والأوّل مفهوم الموافقة ، ويسمّى «فحوى الخطاب» و «لحن الخطاب».
والمحكيّ عن البعض : أنّه إن كان ثبوت الحكم في المفهوم أولى من ثبوته في المنطوق سمّي بالأوّل ، وإن كان مساويا لثبوته له سمّي بالثاني. ولا فرق بين أن يكون هناك تعليق على الشرط أو الصفة ، أو لا ، كما في دلالة حرمة التأفيف على حرمة الضرب ، ودلالة قولك : «إن ضربك أبوك فلا تؤذه» على حرمة الأذيّة مع عدم الضرب ، وقولك : «لا تؤذ الفاسق» الدالّ على منع أذيّة العادل ، والثاني مفهوم المخالفة ويسمّى دليل الخطاب.
وينقسم إلى : مفهوم الشرط ، ومفهوم الوصف ، ومفهوم الغاية ، ومفهوم الحصر ، ومفهوم العدد ، ومفهوم اللقب ، إلى غير ذلك ممّا سنشير إلى جملة منها إن شاء الله. فحصر المفهوم في مفهوم الموافقة والمخالفة عقلي. وأمّا حصر مفهوم المخالفة في أقسامها فاستقرائي. هذا.
واعلم أنّه لا إشكال في حجّية ما يستفاد من الألفاظ بحيث تكون مفهومة منها بحسب العرف حين الإطلاق ، لبناء الأمر في المخاطبات العرفيّة على ذلك ، وورود المخاطبات الشرعيّة على طبق اللغة والعرف حسب ما دلّ عليه الآية