قوله : (اختلفوا في اقتضاء التعليق على الصفة).
هذا هو مفهوم الوصف ـ أحد أقسام مفهوم المخالفة ـ وهو على فرض ثبوته أضعف من مفهوم الشرط ، ولذا كان القائلون بمفهوم الشرط أكثر من القائلين به ، وقد أنكره جماعة ممّن يقول به ، ومنهم المصنّف رحمهالله ، والمراد بالصفة ما يعمّ النعت النحوي وغيره.
والأوّل يعمّ ما كان من الأوصاف ، كأكرم رجلا عالما أو غيرها ، كما إذا كان النعت جملة اسميّة أو فعليّة ، كأكرم رجلا أبوه عالم ، وأكرم رجلا أكرمك. أو من الظروف ، كأطعم رجلا من الفقراء. أو من النسب كائتني برجل بغدادي.
وقد يعمّ الحكم للصلات وسائر الأوصاف المأخوذة قيدا في الموضوع أو الحكم كالحال ، كأكرم عالما ، وانصر مظلوما ، وتواضع لأفضل الناس. والثاني يعمّ ما كان وصفا صريحا ، كأسماء الفاعلين والمفعولين وأفعل التفضيل ونحوها ، وما دلّ على الوصف وإن لم يندرج في الصفات كالمنسوبات ، نحو بغداديّ وروميّ ، ونحو كثرة الشعر يعاد له الوضوء فإنّ مفاده الشعر الكثير ، وعدّ من ذلك : «لئن يمتلئ بطن أحدكم قيحا خير من أن يمتلئ شعرا» فإنّ مؤدّاه الشعر الكثير.
وظاهر الغزّالي في المستصفى : كون المنسوبات من الألقاب ، وقد يخصّ النزاع في المقام بخصوص الحكم المعلّق على الوصف ، سواء كان نعتا نحويّا أو غيره ، بناء على كون الدلالة على الانتفاء بالانتفاء هنا من جهة التعليق على خصوص الوصف الظاهر في إناطة الحكم به ، وكان هذا هو الأوفق بعنوان المسألة. ويمكن أن يجعل ذلك أحد الوجهين في البحث ، والآخر من جهة ملاحظة التقييد ، نظرا إلى استظهار كون القيد احترازيّا دليلا على انتفاء الحكم بانتفائه ، وحينئذ يعمّ المسألة سائر القيود المتعلّقة (١) بالكلام ولو من غير الأوصاف ، وبعض تعليلاتهم الآتية يومئ إلى الوجه الأخير فيندرج فيه التقييد بالزمان والمكان، والعدد في وجه.
__________________
(١) في (ق) : الملحقة.