عن محض البيان ، فالانتفاء عند الانتفاء إنّما يستفاد من التعليق كأنّ الغرض منه تعليم الحكم، وإلّا لما كان لذكره مدخليّة في مقام التعليم ، فيظهر منه ورود التعليق المذكور لإفادته مناطا للحكم ، وإن احتمل أن يكون تخصيصه بالذكر لفائدة اخرى أيضا إلّا أنّ ما ذكر أظهر بقرينة المقام ، لكنّك قد عرفت أنّ الفرض المذكور خارج عن محلّ المسألة.
الرابع : أنّ ما ذكر في الصورة الثالثة إنّما يتصوّر حيث يتعلّق الحكم بالعدد المعيّن ، فيفيد نفيه عمّا دونه ، أو بالمركّب فيفيد نفيه عن بعض أجزائه وصفا كان أو لقبا أو غيرهما. ومن المعلوم أنّ تعليق الحكم على العدد المعيّن أو المركّب المخصوص قد يفيد انتفاءه في أبعاضهما ، نظرا إلى انتفاء الكلّ بانتفاء جزئه ، وقد لا يفيد ذلك ، وذلك حيث يتعلّق بعض الأغراض ببيان حكم ذلك الموضوع دون غيره ، وقد يفيد ثبوت الحكم في البعض من ذلك بطريق أولى فيدرج في مفهوم الموافقة ، كما يأتي بيانه في مفهوم العدد إن شاء الله. فمن البيّن اختلاف الحال في ذلك بحسب اختلاف المقامات ، فلا معنى لإطلاق القول بثبوت المفهوم في المقام المذكور.
وأمّا القول بالوقف فمأخذه القدح في أدلّة الفريقين ، أو دعوى تعارض الأدلّة من الجانبين وانتفاء المرجّح في البين ، وحينئذ فمن المعلوم أنّ قضيّة الأصل عدم الدلالة ، فإنّ الحكم بثبوت الدلالة كالحجّية يتوقّف على قيام الشاهد عليه والعلم به ، وكذلك الأصل عدم تعلّق قصد الواضع بإفادة المفهوم المفروض ، فإذا شكّ في الدلالة الوضعيّة كان الأصل عدم الوضع ، وكذا الحال في الدلالة العقليّة ، أو في قيام القرينة على إرادة المعنى المذكور ، فمع الشكّ في ذلك يصحّ نفيه بالأصل ، وحينئذ فنقول : إن كان هناك عموم أو إطلاق يدلّ على ثبوت الحكم في غير محلّ النطق أو على نفيه فيه تعيّن الأخذ به ، إذ لا يمكن رفع اليد عن الدليل بالشكّ. هذا إذا لم يكن هناك معارضة بين المطلق والمقيّد ، كما إذا قال المولى لعبده : «أكرم العلماء» ثمّ قال : «أكرم العلماء الفقهاء».