عدم الفرق بين المقامين ، ولذا احتجّوا بقول أبي عبيدة في المثال المذكور ونحوه ، إلّا أنّ ظاهر العنوان لا يتناوله.
ومنها : التفصيل بين الوصف الظاهر في المدح أو الذمّ أو التأكيد أو الجواب عن السؤال المخصوص ، أو غيرها من الفوائد وما لا يظهر منه سوى إناطة الحكم به ، فإنّ الأوّل يفيد التوضيح ، ونحوه لو ظهر هناك مانع من عذر أو جهالة من بيان الحكم في غير مورد الوصف. والثاني ظاهر في الاحتراز ، والظاهر خروج الأوّل عن محلّ المسألة كما مرّت الإشارة إليه في محلّ النزاع. وكذا الوصف المساوي للموصوف أو الأعمّ مطلقا ، كما في قولك : «أشتهي العسل الحلو» لتمحّضه للتوضيح وإن أمكن إشعاره بإناطة الحكم بمطلق الحلاوة ، لكنّه ضعيف جدّا.
ومنها : التفصيل بين التوصيف بالوصف الوارد في مورد الغالب ، كما في قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) وغيره ، فلا دلالة في الأوّل على المفهوم ، لظهوره في إرادة التوضيح تنزيلا للأفراد النادرة منزلة المعدوم ، فلا يظهر منه إرادة الانتفاء عند الانتفاء ، ولا أقلّ من الشكّ ، فلا يمكن الاحتجاج به. ويمكن التفصيل في ذلك بين غلبة الوجود وغلبة الإطلاق ، ويقابل الأوّل ندرة الوجود ، والثاني ندرة الإطلاق. كما فرّقوا بذلك في شمول المطلقات للأفراد النادرة وعدمه. فعلى الثاني لا يكون الموصوف شاملا للفرد النادر من أصله ، فيكون الوصف توضيحيّا كما في الأوصاف اللازمة ، ولا يكون هناك تخصيص بعد التعميم ليفيد حكم المفهوم ، بخلاف الأوّل لشموله للأفراد النادرة ، فيظهر من التخصيص بغيرها إرادة المفهوم كما في غيرها.
وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : أنّ ما اشتهر بينهم من تعليل مفهوم الوصف بلزوم خلوّه عن الفائدة يجري في مطلق القيد الواقع في الكلام بعد اللفظ المطلق أو العامّ وإن كان من الألقاب أو أسماء العدد أو الزمان أو المكان أو غيرها ، فمقتضاه دلالتها أيضا على المفهوم سواء وقعت قيودا للحكم المنطوق به أو لموضوعه المذكور فيه.