وأمّا من الجهة الاولى فغير قابل للصدق والكذب ، فمفاد النسبة الخبريّة هي النسبة الواقعة من المتكلّم ، من حيث كونه حكاية عن أمر واقعي ، والنسبة الإنشائية هي النسبة الواقعة منه ، من حيث كونه واقعا وصادرا منه ، ولا حكاية فيها عن أمر آخر واقعي تطابقه أو لا تطابقه ، حسب ما فصّل القول فيه في محلّه.
وكلتا النسبتين معنى حرفيّ صادر عن المتكلّم إلّا أنّ في الأوّل حكاية عن الواقع بخلاف الثاني. والزمان الملحوظ في الفعل معنى حرفي وهو ظرف لتلك النسبة.
ففي الإخبار يكون ظرفا لها من الحيثيّة الثانية ، إذ هي الّتي يختلف الحال فيها بالمضيّ والحال والاستقبال ، وأمّا الحيثية الاولى فلا تكون إلّا في الحال ، ولا حاجة إلى بيان الحال فيها.
وأمّا في الإنشاء إذا اخذ فيه الزمان ، فإنّما يؤخذ من حيث صدورها عن المتكلّم ، إذ ليست فيها حيثيّة اخرى ، فلذا لا يمكن أن يؤخذ فيها إلّا زمان الحال ، وإذا نصّوا بأن الأمر للحال يعنون به ما ذكرناه.
فإن قلت : إنّ بيان ظرف النسبة في المقام ممّا لا حاجة إليه أيضا ، لوضوحه في نفسه، حيث إنّه ينحصر الحال فيه في الحال فأيّ فائدة في وضعه لبيان ذلك؟ وحينئذ نقول : إنّه لمّا شاهد الواضع انتفاء الفائدة في الوضع المفروض أخذه قيدا في الحدث المنسوب ، ليكون مطلوبه الحدث الحاصل في الزمان الخاصّ من الأزمنة الثلاثة.
قلت : فيه أوّلا إنّ جعل الزمان قيدا في الحدث يقضي بكونه معنى تامّا ملحوظا بالاستقلال لا حرفيّا رابطيّا ، لوضوح أنّ القيود الملحوظة في الحدث معنى تامّ ينسب كالحدث المقيّد به إلى الفاعل ، وليس الزمان المأخوذ في الأفعال كذلك ، لوضوح كون المعنى التامّ فيها هو معناها الحدثي لا غير حسبما قرّر في محلّه.
وثانيا : إنّه كما يتعيّن الحال في ملاحظة النسبة الإنشائيّة كذا يتعيّن الاستقبال