وإلّا لكانت العلّة مجموع الأمرين ، أو كلّ واحد منهما على البدليّة ، وكلّ من الأمرين مخالف لمدلول اللفظ لظهوره في استقلال العلّة وتعيينها.
ورابعا : بأنّ الأصل انتفاء العلّة الاخرى ، وهو كاف في المقام ، غير أنّه لا يجدي فيما إذا كان هناك عموم أو إطلاق يقضي بثبوت الحكم في غير مورد العلّة ، وكذا لو كان الحكم المفروض موافقا لمقتضى بعض الأصول أو القواعد الشرعيّة ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الدلالة المذكورة إنّما هي من باب المفهوم دون المنطوق صرّح بالعلّية أو لا ، كما لو قال الخمر حرام بسبب الإسكار ، أو لعلّة الإسكار ، أو لإسكارها ، أو النبيذ المسكر حرام ، حيث يقترن بما يفيد علّية الوصف المذكور ، خلافا لما مرّ نقله عن بعضهم من التفرقة بين التصريح بالعلّية وعدمه ، وقد عرفت ضعفه.
نعم ، لو قال : «الإسكار علّة لتحريم الخمر» كان ذلك من المنطوق لذكر الموضوع والمحمول في تلك القضيّة ، فيكون الحكم المذكور إذا مأخوذ في معنى المحمول المنطوق به ، كما مرّ في نظائره.
ومنها : غير ما ذكر من المفاهيم فإنّ المفهوم كما عرفت إثبات الحكم المذكور أو نفيه بالنسبة إلى غير الموضوع المذكور ، أو إثبات غيره ، أو نفيه بالنسبة إلى المذكور ، فكلّ لفظ دلّ على أحد الوجوه المذكورة بالالتزام بل وبالتضمّن في بعض الفروض كان من المفهوم.
وقد ذكر جدّي الفقيه قدسسره في كشف الغطاء (١) من هذا الباب مفاهيم عديدة غير ما ذكره القوم :
مفهوم التلازم
منها : مفهوم التلازم ، كما في قوله عليهالسلام : «إن قصّرت أفطرت ، وإن أفطرت قصّرت» (٢).
واعترض : بأنّ دلالة العبارة المذكورة على التلازم في الوجود إنّما هي
__________________
(١) هذا تصريح بأنّ هذه المباحث صدر من قلم نجل المؤلّف قدسسرهما ، وقد تقدّم ما يشهد بذلك في الصفحة ٥٦٧.
(٢) كشف الغطاء : ص ٢٩ س ٢٩.