بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين محمّد وعترته وذرّيّته الأكرمين إلى يوم الدين.
قوله : (قال أكثر مخالفينا : إنّ الأمر بالفعل المشروط جائز وإن علم الآمر انتفاء شرطه ... إلخ).
الشرائط المعتبرة في الفعل قد تكون شرطا في وجوده ، وقد تكون شرطا في وجوبه ، وقد تكون شرطا فيهما. ومحلّ الكلام في المقام فيما إذا علم الآمر انتفاء شرط الوجوب ، سواء كان شرطا في الوجود أيضا ، أو لا. وأمّا الشرط في وجود الفعل من غير أن يكون شرطا في وجوبه فلا خلاف لأحد في جواز الأمر به مع علم الآمر بانتفائه ، فإطلاق الشرط في المقام ليس على ما ينبغي ، كما سيشير إليه المصنّف إن شاء الله.
وبعضهم قرّر النزاع في المقام في خصوص شرائط الوجود دون الوجوب ، وهو فاسد ، إذ لا مجال لأحد أن يتوهّم امتناع التكليف بذلك ، وليس في كلام المانعين ما يوهم ذلك ، كيف؟ وتمثيلاتهم في المقام بانتفاء الشروط الغير المقدورة صريح في وقوع النزاع في شرائط الوجوب فكيف يعقل القول بخروجها عن محلّ البحث؟ وقد يتراءى حينئذ تدافع في عنوان المسألة ، فإنّه إذا كان المطلوب بالشرط في المقام هو شرط الوجوب وقد فرض انتفاؤه فلا محالة يكون التكليف منتفيا بانتفاء شرطه ، كما هو قضيّة الشرطيّة ، فكيف يعقل احتمال وقوع التكليف على ذلك الفرض حتّى يعقل النزاع فيه؟