منها : ما لو كان المأمور جاهلا بانتفاء الشرط إلى أن أدّى الفعل وكان الآمر عالما به، كما لو اتّفق تحيّض المرأة في نهار الصوم من غير أن تعلم به إلى أن تغيب الشمس فإنّه بناء على جواز الأمر بالشيء مع علم الآمر بانتفاء شرطه ينبغي القول بصحّة العمل ، بخلاف ما لو قيل بالمنع منه.
قلت : وعلى هذا يثمر أيضا في ثبوت الكفّارة عليها لو تناولت المفطر حينئذ لإفطارها الصوم المأمور به.
وفيه : أنّ المفروض انتفاء شرط الصحّة حينئذ بحسب الواقع فكيف يعقل معه الحكم بصحّة الفعل الواقع منه مع عدم مطابقته للمأمور به؟ وغاية ما يلزم من القول بالجواز في المقام هو كون الفعل المستجمع للشرائط مأمورا به واقعا مع علم الآمر بعدم حصول شرطه ، وكون المستجمع مأمورا به لا يقضي بصحّة غير المستجمع حتّى يتفرّع عليه ما ذكر ، وكذا القول بثبوت الكفّارة حينئذ فإنّ المفروض ثبوتها بتعمّد الإفطار ، وهو فرع التلبّس بالصوم قبله ، وقد تبيّن انتفاؤه فكيف يقال بثبوت الكفّارة الواجبة من جهة تعمّد إفطار الصوم؟
نعم ، لو قرّر النزاع في المقام في جواز الأمر بالشيء الّذي انتفى عنه الشرط إذا علم الآمر بانتفائه مع جهل المأمور بذلك حتّى يكون غير المستجمع بحسب الواقع مع جهل المأمور به مأمورا به صحّ التفريع المذكور ، وهو فرع جليل ، إذ قضيّته الحكم إذا بصحّة جميع الأفعال الفاقدة للشروط مع جهل المأمور بالحال إذا تبيّن الحال فيها بعد ذلك ، إلّا إذا قام الدليل على خلافه ، وهو أصل نافع جدّا ، إلّا أنّ ذلك ممّا لا ربط له بالمسألة المعنونة في المقام ، كيف؟ وجواز الأمر به على النحو المذكور ممّا لا مجال لإنكاره ، إذ غاية الأمر حينئذ أن يكون الشروط المعتبرة في الفعل شروطا علميّة لا واقعيّة. وأيضا مجرّد جواز وقوع التكليف على النحو المذكور لا يكفي في التفريع المذكور ، بل لا بدّ من القول بوقوع التكليف على ذلك الوجه حتّى يمكن أن يفرّع عليه ذلك. وأيضا لا يجري ذلك بالنسبة إلى الشرائط العقليّة كالقدرة على الفعل ، مع أنّ تمثيلاتهم في المقام صريحة في اندراجها في المسألة ولا يوافق ما ذكر.