معالم الدين :
أصل
الأكثرون على أنّ الأمر بالشيء مطلقا يقتضي إيجاب ما لا يتمّ إلّا به شرطا كان أو مسببا أو غيرهما مع كونه مقدورا ، وفصّل بعضهم فوافق في السبب وخالف في غيره ، فقال : بعدم وجوبه. واشتهرت حكاية هذا القول عن المرتضى رضى الله عنه وكلامه في الذريعة والشافي غير مطابق للحكاية. ولكنّه يوهم ذلك في بادئ الرأي ، حيث حكى فيهما عن بعض العامّة إطلاق القول بأنّ الأمر بالشيء أمر بما لا يتمّ إلّا به. وقال : «إنّ الصحيح في ذلك التفصيل بأنّه إن كان الّذي لا يتمّ الشيء إلّا به سببا ، فالأمر بالمسبّب يجب أن يكون أمرا به. وإن كان غير سبب ، وإنّما هو مقدّمة للفعل وشرط فيه ، لم يجب أن يعقل من مجرّد الأمر أنّه أمر به».
ثمّ أخذ في الاحتجاج لما صار إليه ، وقال في جملته : «إنّ الأمر ورد في الشريعة على ضربين : أحدهما يقتضي إيجاب الفعل دون مقدّماته ، كالزكاة والحجّ ، فإنّه لا يجب علينا أن نكتسب المال ، ونحصّل النصاب ، ونتمكّن من الزاد والراحلة. والضرب الآخر يجب فيه مقدّمات الفعل كما يجب هو في نفسه ، وهو الصلاة وما جرى مجراها بالنسبة إلى