كان إطلاقه عليه حقيقة وإن لم تكن تلك الشرائط حاصلة عند الإطلاق ، كما تقول : «انّ الحجّ والزكاة من الواجبات في شريعة الإسلام» فإنّ المقصود بذلك وجوبها عند وجود شرائط الوجوب من غير أن يكون هناك تجوّز في الإطلاق.
فإطلاق جماعة ـ أنّ إطلاق الواجب عليه قبل حصول الشرط على سبيل المجاز ـ ليس على ما ينبغي.
وأبعد منه دعوى كون الأمر المطلق حقيقة في خصوص الواجب المطلق ، فإذا تعلّق الأمر بالواجب المقيّد كان مجازا استتنادا إلى تبادر الأمر حال إطلاقه في المطلق ، فيكون مجازا في غيره.
وهو ضعيف جدّا ، كيف ولو كان كذلك لكان جميع الأوامر الواردة في الشريعة مجازات؟ لوضوح كونها مقيّدة بشرائط عديدة : منها : البلوغ والعقل ؛ وتبادر إطلاق الأمر في المطلق إطلاقي حاصل من ظهور الإطلاق ، لكون التقييد على خلاف الأصل ، كما هو الحال في سائر الإطلاقات.
ومن البيّن : أنّ تقييد سائر الإطلاقات لا يلزم أن يكون على سبيل التجوّز وإن أمكن أن يكون مجازا أيضا فيما إذا أدرج التقييد في معنى اللفظ.
والحاصل أنّ تقييد الأمر بشرط أو شرائط لا يزيد على تقييد المأمور بذلك مع إطلاق الأمر ، فكما أنّ الثاني يكون على وجه الحقيقة فكذا الأوّل من غير فرق أصلا وربما يقال : إنّ لفظ الواجب قد تجرّد بحسب الاصطلاح عن معناه الوضعي وصار حقيقة فيما تعلّق به الخطاب في الجملة ، فيكون إطلاقه على المشروط حقيقة من تلك الجهة وهو كما ترى وحينئذ فالأولى ذكر القيد المذكور في المقام ، لإخراج الواجب المشروط ، كما صنعه المصنّف وجماعة.
ثالثها : أنّ الواجب باعتبار تعلّق الخطاب به وعدمه ينقسم إلى أصلي وتبعي ، وباعتبار كونه مرادا في نفسه وعدمه إلى نفسي وغيري ، فالواجب الأصليّ : ما تعلّق به الخطاب أصالة. والواجب التبعي : ما يكون وجوبه لازما للخطاب تابعا له من غير أن يتعلّق به الخطاب أصالة.