فكان ذلك باعثا لانشدادي بالكتاب وتوغلي في أعماقه ، حيث وفقت لمراجعته ـ كاملا ـ أكثر من مرة ، خلال ثلاث سنوات.
فقرأت نصه ، اسنادا ومتنا ، وقابلته على نسخة المؤلف أو ما صحح عليها ، فكنت أعيش خلال ذلك عوالم من الحديث والفقه واللغة ، الى غيرها من الفوائد المشحون بها الكتاب ، فوجدت لذة عضيمة في تجوالي في رياض هذه الجنة الفيحاء من آثار آل محمد عليهم الصلاة والسلام ، ملئت منها بالروح والرحمة ، والحمد لله رب العالمين.
ولذلك فإني اوصي إخواني طلبة العلم بأن يلتزموا بقراءة الوسائل ـ كاملا ـ دورة واحدة ـ على الأقل ـ قبل أن يتوغلوا في العلوم الشرعية ، ليمتاروا بالمعارف من كل نوع ، إضافة الى مايفيض عليهم ذلك من التمرس في الأسانيد ، ومعرفة طبقات الرواة ، ولغة الحديث ، واسلوب إلقاء الأئمة عليهمالسلام للأحكام ، والجمع بين الأحاديث المتخالفة ، وفقه الحديث ، والانس بمواضع وجود الاحاديث ، وترتيب أبواب الفقه ، الى غير ذلك من الفوائد والعوائد المتفرقة المهمة ... قبل إن يمضي بهم العمر ، فلا يجدوا سعة من الوقت ، والحول ، والطول ، وفقهم الله وايانا للعلم والعمل الصالح.
وأحمد الله جل وعز على توفيقه إياي لمراجعة الكتاب ، بعد أن أنجزت مؤسسة آل البيت عليهمالسلام تحقيقه ، وصفّه في بيروت ، واعداده للطبع ، فباشرت العمل فيه ، بقرائة نصه حرفيا ، وتسجيل الملاحظات على ما وقفت عليه من مواضع الخلل ، بمقارنة ذلك بما لدينا من نسخ الكتاب بخط المؤالف رحمهالله ، أو المقابلة على نسخ بخطه ، وإثبات ما تأكدنا من صحته في هذه الطبعة.
وقد بذلنا جهدا واسعا في هذا المجال الى حد الوثوق والاطمئنان بأن ما أثبتناه في متن الكتاب يطابق ما أثبته المؤلف في نسخته.