وقبل أن نغلق ملفّ هذا القرن ، لا بدّ من معالجة الفروق المنهجية بين كتابي الخلاصة للعلاّمة الحلّي ورجال ابن داوُد ومناقشتها.
ولا شكّ أنّ الكتابين قد كتبا في وقت متقارب ، ولذلك فإنّ نقاط الالتقاء والابتعاد تُلحظ من زاوية معاصرة المؤلّفين أحدهما الآخر. بمعنى أنّ المنهج العلمي في كلا الكتابين قد فرضته الظروف الإجتماعية والأجواء العلمية في ذلك القرن ، خصوصاً الجوّ العلمي التنقيحي الذي فرضه استاذهما السيّد ابن طاووس (ت ٦٧٣ هـ) على الحوزة العلمية الإمامية آنذلك. والمعاصرة بطبيعتها تفرض التقاءً في الأفكار والمناهج ، إلاّ أنّها تفرز فوارق ثانوية أيضاً ، ومن تلك الفوارق بين الكتابين :
أوّلاً : قسّم ابن داوُد كتابه الى قسمين : الأوّل : اختصّ بذكر الموثّقين والمهملين ، بينما اختصّ الثاني : بالمجروحين والمجهولين. ثمّ ختم بحثه بتسعة تنبيهات مفيدة.
بينما قسّم العلاّمة كتابه إلى قسمين أيضاً : الأوّل : فيمن اعتمد عليه من الرجال ، والثاني : اختصّ بذكر الضعفاء ومن ردّ قوله أو وقف فيه. وختم بحثه بعشر فوائد مهمّة.
فليس من فارق جوهري يذكر في منهجية الكتابين ، عدا أنّ ابن داوُد أدرج في آخر القسم الأوّل أسماء الرجال الذين وصفهم النجاشي بقوله : «ثقة ثقة» مرّتين ، والذين وصفهم ابن الغضائري بنفس الوصف.
ثانياً : اختصّ القسم الأوّل من رجال ابن داوُد : فيمن ورد فيه أدنى مدح ، حتّى لو اقترن مع ذمٍّ كثير ولم يُعمل بخبره. والثاني : فيمن ورد فيه أدنى ذمٍّ ، ولو كان ثقة وعُمل بخبره.