ونشرها ، وحمايتها ، وروايتها على صفحات القلوب والأوراق .. وتناقلوها ورووها جيلاً بعد جيل بتمام الدقّة والرعاية في الضبط والإتقان ، وتوارث ذلك الخلف عن السلف ـ هي : الصحيفة الكاملة السجّادية لمنشئها الإمام عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، زين العبّاد والسيّد السجّاد عليه آلاف التحيّة والثناء من ربّ العباد إلى يوم التناد وقد فتح الله من قلبه عليهالسلامعلى لسانه ينابيع الحكمة والحقائق النبويّة ، ولذا سُمّيت هذه الصحيفة بـ : «إنجيل أهل البيت» و «زبور آل محمّد»(١) ؛ لأنّه كما أنّ الإنجيل والزبور جريا على لسان عيسى بن مريم وداود ـ على نبيّنا وآله وعليهما السلام ـ فإنّ هذه الأدعية الإلهيّة جرت على لسان من اشتهر بكثرة السجود والعبادة والبكاء عليه الصلاة والسلام ما تعاقب الغداة والعشيّة .. (٢).
__________________
(١) أوّل من ذكر هاتين التسميتين للصحيفة هو ابن شهر آشوب المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ، حيث قال ـ في معالم العلماء : ١٦٠ ، مرّة في ترجمة عمير بن المتوكّل ـ : إنّها ملقّبة بـ : «زبور آل محمّد عليهمالسلام».
ومرّة أُخرى في ترجمة يحيى بن عليّ بن محمّد بن الحسين الرقّي : ١٦٦ ، قال : إنّه روي عن الصادق عليهالسلام الدعاء المعروف بـ : «إنجيل أهل البيت عليهمالسلام».
كما أشار إلى ذلك السيّد الداماد (ت ١٠٤٠ هـ) ، والمولى التقي المجلسي (ت ١٠٧٠ هـ) .. وأضرابهما في بعض كتابتهما حول الصحيفة (لاحظ بحار الأنوار ١١٠ / ٦١).
ولكن لايخفى أنّ التلقيب الثاني ـ يعني الزبور ـ ورد في ترجمة الرقّي المذكور ، وهو كما صرّح ابن شهرآشوب روى عن الصادق عليهالسلام الدعاء المعروف بإنجيل أهل البيت عليهمالسلام ، والظاهر أنّ مراده رحمهالله به هو الدعاء المعروف بالإنجيليّة الذي رواه جمع من الأعلام ، وهذا الدعاء لم يرد في الصحيفة بجميع رواياتها ، كما أنّ ابن شهرآشوب صرّح بأنّه يروي الدعاء بلفظ المفرد ، وهو لا يتطابق مع لفظ الأدعية للإمام عليهالسلام ؛ ففيه وجه تأمّل ونظر. (لاحظ : الصحيفة الثالثة السجادية : ١٠٠ ـ ١٠٢)
(٢) لاحظ : بحار الأنوار ١١٠ : ٦١ / صورة ٤١.