معالم الدين :
أصل
واختلفوا في أنّ المطلوب بالنهي ما هو؟ فذهب الأكثرون إلى أنّه هو الكف عن الفعل المنهيّ عنه ، ومنهم العلّامة رحمهالله في تهذيبه. وقال في النهاية : المطلوب بالنهي نفس أن لا تفعل. وحكى : أنّه قول جماعة كثيرة. وهذا هو الأقوى.
لنا : أنّ تارك المنهيّ عنه كالزنا ، مثلا ، يعدّ في العرف ممتثلا ، ويمدحه العقلاء على انّه لم يفعل ، من دون نظر إلى تحقّق الكفّ عنه ، بل لا يكاد يخطر الكفّ ببال أكثرهم. وذلك دليل على أنّ متعلّق التكليف ليس هو الكفّ ، وإلّا لم يصدق الامتثال ، ولا يحسن المدح على مجرّد الترك.
احتجّوا : بأنّ النهي تكليف ، ولا تكليف إلّا بمقدور للمكلّف. ونفي الفعل يمتنع أن يكون مقدورا له ، لكونه عدما أصليّا ، والعدم الأصليّ سابق على القدرة وحاصل قبلها ، وتحصيل الحاصل محال.
والجواب : المنع من أنّه غير مقدور ، لأنّ نسبة القدرة إلى طرفي الوجود والعدم متساوية. فلو لم يكن نفي الفعل مقدورا ، لم يكن إيجاده مقدورا ، اذ تأثير صفة القدرة في الوجود فقط ، وجوب ، لا قدرة.