عليه بعض الأعلام قائلا «إنّه إن اريد بالعموم استغراق اللفظ لمسمّياته على ما هو مصطلح أهل الاصول فهو من عوارض الألفاظ خاصّة ، وإن اريد شمول أمر لمتعدّد عمّ الألفاظ والمعاني ، وإن اريد شمول مفهوم لأفراد كما هو مصطلح أهل الاستدلال اختصّ بالمعاني» وقد يقال : إنّ شمول اللفظ لمسمّيات معناه نحو من الشمول اللغوي فالنسبة بينه وبين اللغوي من قبيل العموم والخصوص ، وحينئذ فيمكن تقرير النزاع في أنّ الشمول على ما هو مفاد العموم لغة هل يختصّ بمعناه الاصطلاحي فيكون من عوارض الألفاظ خاصّة أو أنّه يعمّ غيره أيضا؟ وحينئذ يبتني الخلاف على أنّ المعاني الذهنيّة هل هي امور موجودة في الأذهان أو لا؟ فعلى الأوّل يتّصف بالعموم قطعا وعلى الثاني لا يعقل العموم في غير الألفاظ على الوجه المذكور ، إذ لا يتصوّر عموم الشيء الخارجي لأشياء متعدّدة ، ألا ترى أنّ المطر والخصب لا عموم في الموجود منهما في الخارج ، إذ الموجود منهما في كلّ مكان غير الموجود في الآخر. فالعموم إنّما يتصوّر للكلّي الجامع بينها وهو مفهوم ذهني لا وجود له عند الجماعة.
قال العضدي : إنّ الإطلاق اللغوي أمره سهل إنّما النزاع في واحد متعلّق بمتعدّد ، وذلك لا يتصوّر في الأعيان الخارجيّة إنّما يتصوّر في المعاني الذهنيّة والاصوليّون ينكرون وجودها. فكأنّه أراد بذلك أنّ العموم والشمول بمعناه اللغوي ممّا لا يتّصف به شيء من المعاني على سبيل الحقيقة إذ المراد بها الأعيان الخارجيّة وهي لا يعقل اتّصافها بشمول ، وإن اريد بها المعاني الذهنيّة فهي غير موجودة عندهم فكيف يتّصف بالشمول فيكون النزاع حينئذ في أمر عقلي لا لفظي. والظاهر أنّه لا يساعده ظاهر أدلّتهم المذكورة على أنّ ما ذكره من امتناع شمول الواحد للمتعدّد في الأعيان الخارجيّة غير متّجه ، لإمكان شمول المكان لمتمكّنات عديدة وكذا شمول الظرف لمظروفات شتّى ، وشمول الخباء لأشخاص كثيرين ، وهكذا ، وليس ذلك خارجا عن معناه الحقيقي له.
قوله : (انّ للعموم في لغة العرب صيغة تخصّه ... الخ.)
قد يقال : إنّ الظاهر أنّ المراد بالعموم هنا هو العموم المصطلح ـ أعني استغراق