المقام الرابع
في بيان الحال في المفرد المعرّف
وقد عرفت وقوع الخلاف في إفادته العموم وظاهر ما يتراءى من كلماتهم وصريح المصنّف فيما يأتي كون الخلاف في وضعه لخصوص العموم على أن يكون استعماله في غيره مجازا فلا يكون موضوعا لما عدا العموم ولا مشتركا بين العموم وغيره.
وأنت خبير بوهن ذلك جدّا ، كيف واستعماله في العهد ممّا لا مجال لإنكار كونه على وجه الحقيقة ، بل هو أظهر من إرادة الجنس والعموم قطعا ولذا ينصرف إليه عند وجود المعهود ، وقد قيّدوا إفادة الجمع المحلّى للعموم بما إذا لم يكن هناك عهد فيكون الحال كذلك في المفرد بطريق أولى. والّذي يخطر بالبال في المقام أنّ الخلاف هنا نظير الخلاف في الجمع المحلّى في تقديم تعريفه للأفراد على تعريف الجنس بعد انسداد طريق العهد ، فالمراد أنّه إذا لم يكن هناك عهد هل ينصرف المفرد المحلّى باللام مع الإطلاق إلى تعريف الأفراد ليفيد العموم ـ كما في الجمع المعرّف ـ أو إنّما ينصرف حينئذ إلى تعريف الجنس فلا يفيد العموم. والقول بوضعه لخصوص العموم ـ على أن يكون هناك وضع متعلّق بالهيئة التركيبيّة مغايرة لوضع اللام ومدخوله ـ قاض بإفادته الاستغراق أو القول بكون اللام سورا بمنزلة «كلّ» ليفيد الاستغراق من أبعد الأوهام. وحمل الخلاف الواقع بينهم على إرادة ذلك مع وضوح فساده من دون قيام شاهد في كلماتهم على إرادته في المقام بعيد جدّا.
وغاية ما يستفاد من كلام القائل بكونه للعموم استفادة العموم منه عند الإطلاق وانتفاء العهد وهو لا يأبى الحمل على ما قرّرناه ، غاية الأمر أن يلحظ الخلاف على الوجه الأعمّ فلا حاجة إلى حمله على ذلك الوجه الفاسد ، وكيف كان فلهم في المسألة أقوال عديدة :
أحدها : ما ذهب إليه غير واحد من المتأخّرين من كونه حقيقة في تعريف الجنس في مقابلة العهد والاستغراق مجازا في غيره.