معالم الدين :
أصل
قال السيد المرتضى رضى الله عنه وجماعة منهم العلّامة في أحد قوليه : «إنّ النهي كالأمر في عدم الدلالة على التكرار ، بل هو محتمل له وللمرّة». وقال قوم : بافادته الدوام والتكرار ، وهو القول الثاني للعلّامة رحمهالله ، اختاره في النهاية ، ناقلا له عن الأكثر وإليه أذهب.
لنا : أنّ النهي يقتضى منع المكلّف من إدخال ماهيّة الفعل وحقيقته في الوجود ، وهو إنّما يتحقّق بالامتناع من إدخال كلّ فرد من أفرادها فيه ؛ إذ مع إدخال فرد منها يصدق إدخال تلك الماهيّة في الوجود ؛ لصدقها به ؛ ولهذا إذا نهى السيّد عبده عن فعل ، فانتهى مدّة كان يمكنه إيقاع الفعل فيها ثمّ فعل ، عدّ في العرف عاصيا مخالفا لسيّده ، وحسن منه عقابه ، وكان عند العقلاء مذموما بحيث لو اعتذر بذهاب المدّة التي يمكنه الفعل فيها وهو تارك ، وليس نهي السيّد بمتناول غيرها ، لم يقبل ذلك منه ، وبقي الذمّ بحاله. وهذا ممّا يشهد به الوجدان.
احتجّوا : بأنّه لو كان للدوام ؛ لما انفكّ عنه ، وقد انفكّ. فانّ الحائض نهيت عن الصلاة والصوم ، ولا دوام. وبأنّه ورد للتكرار ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) وبخلافه، كقول الطبيب : لا تشرب اللّبن ،