عدم دلالتها على نفي التثنية والجمع ، ولذا قالوا بجواز «ليس عندي رجل بل رجلان» فإنّه قاض بعدم دلالتها على نفي الزائد على الواحد ، ومرجع ذلك إلى اختلاف معنى النكرة ، فإنّ المراد بالنكرة إن كان مطلق الجنس كما في «لا رجل» فقد نصّوا بإفادته العموم ، وإن كان المراد بها الواحد المطلق كما في «ما من رجل» فقد قالوا به أيضا ، وإن اريد بها الواحد العددي المقابل للتثنية والجمع منعوا من دلالتها على العموم يعني العموم بالمعنى المذكور ، وأمّا دلالته على العموم بالنسبة إلى الآحاد ـ أعني نفيه جميع الوحدات العدديّة على نحو إفادة النكرة بمعناه الآخر لجميع الوحدات المندرجة فيها ـ فالظاهر أنّهم يقولون به ، ولذا لا يجوز «ليس عندي رجل بل زيد» فليس اختلافهم في المقام من جهة عدم دلالتها على العموم بالنسبة إلى ما يصدق عليه ، بل من جهة اختلاف معنى النكرة ، وهي على الوجهين تفيد نفي جميع مصاديقها ، فتفيد نفي جميع الوحدات المطلقة في الأوّلين ، وتفيد نفي جميع الوحدات العدديّة في الثالث ، فالبحث معهم حينئذ في مدلول النكرة ، والظاهر من ملاحظة الاستعمالات العرفيّة كون المنساق من النكرة في مدخولة «ليس» ومشابهتيه أيضا هو الواحد المطلق ، فلذا قلنا بظهورها في العموم على نحو الأوّلين وإن قام فيه الاحتمال المذكور دون الأوّلين ، وهم قالوا بعدم دلالتها على ذلك إمّا لدعوى ظهورها في الواحد العددي أو لدورانها بين الوجهين ، فينبغي دلالتها على الوجه المذكور من جهة قيام الاحتمال المساوي ، والفهم العرفي كما عرفت يدفع ما ذكروه.
نعم لو ذكر بعده الإضراب المذكور دلّ على إرادة الواحد العددي ، والظاهر أنّه لا تجوّز في النكرة حينئذ وإن كان ذلك خلاف الظاهر ، فإنّ الظاهر كون النكرة حقيقة في الصورتين وإن انصرفت عند الإطلاق إلى الأوّل ، وقد مرّ الكلام فيه.
هذا ، ولنتمّم الكلام في المرام بذكر امور :
أحدها : انّه يختلف الحال في النكرات وضوحا وخفاء في الدلالة على العموم ، فالكائنة بعد «لا» النافية للجنس نحو «لا رجل» وما زيد عليها «من» الزائدة نحو