بل إنّما يفيد وجود هذه الأجناس فيه ، فالتنوين فيها بحسب ظاهر المقام للتمكّن ، لكن لا يفيد ثبوت الحكم لجميع أفراده ، لحصول الامتنان بثبوت تلك الأجناس فيها ، فما ذكره في الوافية كما ترى ، وكذا الحال في قوله (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(١) فإنّه لا يفيد إلّا ثبوت المطهّريّة لما نزّله عليهم من غير أن يفيد نزول جميع المياه عليهم أصلا ، وهو ظاهر ، فما ذكره فيها من الآية كما ترى.
سابعها : أنّ ما ذكرناه في النكرة المنفيّة أو المنهيّ عنها هل يجري في الفعل المنفيّ نحو «ما ضربت» أو المنهيّ عنها نحو «لا تضرب» فتكون المادّة المنفيّة أو المنهيّ عنها كالنكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي؟ وجهان ، فالمحكيّ عن ظاهر العضدي أنّه كذلك فيفيد العموم.
وقد يحتجّ عليه بوجوه :
أحدها : أنّ المتبادر منها ذلك ـ حسب ما ادّعي من التبادر في النكرة المصرّحة ـ من غير فرق ، ونحن نقول : إنّ التبادر المدّعى متّجه ، إلّا أنّه من مقتضيات الإطلاق ، وليس دليلا على الوضع ، نظير ما مرّ في النكرة المصرّحة فإن اريد بذلك قضاء الإطلاق به فمتّجه ، وإن اريد بذلك إثبات الوضع فلا. وقد مرّ تفصيل القول في ذلك في مبحث النهي، ويجري ما ذكرناه في الفعل المنفيّ من غير فرق.
ثانيها : أنّ الفعل نكرة باتّفاق النحاة فيجري فيه حكمها وأنّه يوصف به النكرة دون المعرفة.
واورد على الأوّل : بأنّ نجم الأئمّة منع من كون الأفعال نكرات ، محتجّا بأنّ التنكير كالتعريف من خواصّ الأسماء ومن عوارض الذات. وفيه : أنّه إن اريد بذلك عدم اتّصاف الأفعال بملاحظة تمام معناها بالتعريف والتنكير فهو كذلك ، لظهور كون معنى الفعل مركّبا من المعنى الاسمي والحرفي ، ولا يوصف بهما الحروف فلا يصحّ اتّصاف الملفّق منه ومن غيره بهما ، وإن اريد عدم اتّصافها
__________________
(١) سورة الفرقان : ٤٨.